الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ } * { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ } * { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } * { أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { أَمْ لَهُ ٱلْبَنَاتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } * { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } * { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } * { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } * { أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

{ أَمْ خُلِقُواْ } قدّروا هذا التقدير العجيب الذي هم عليه، { مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ } أي: من غير مُقَدَّرٍ [خَلَقَهم] وأوجدهم، { أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ } الذين خلقوا أنفسهم حتى استنكفوا عن توحيدي، وجعلوا الصنم نديدي.

وقيل: المعنى: أم خلقوا من غير أب وأم، فهم كالجماد لا يعقلون ولا يفهمون.

وقيل: " مِنْ " بمعنى اللام، تقديره: أم خلقوا لغير شيء، على معنى: أخُلقوا باطلاً لا يُحاسبون ولا يُكلفون، أم هم الخالقون فلا يؤمرون ولا ينهون.

والآية التي تليها ظاهرة.

{ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ } قال ابن عباس: يريد: المطر والرزق.

وقال عكرمة: النبوة.

وقيل: عِلْم ما يكون من الغيب.

والمعنى: أعندهم مفاتيح الملك فيتخيروا للرسالة من شاؤوا.

{ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } المسلطون الغالبون.

وقال عطاء: أرباب قاهرون، [فيتصرفوا] كيف شاؤوا على حسب إرادتهم.

قرأ قنبل وهشام: " المسيطرون " بالسين. وقرأ حمزة بين الصاد والزاي، وقرأ الباقون بالصاد؛ لأجل الطاء، ليعمل اللسان عملاً واحداً في [الإطباق] والاستعلاء.

والسين هو الأصل؛ لجواز نقل الصاد إليها، ولو كانت الصاد هي الأصل لم تُنقل إلى السين؛ لأن الأقوى لا يُنقل إلى الأضعف، والصاد أقوى من السين؛ لما فيها من الاستعلاء والإطباق. وكلها لغات أشرنا إلى عللها فيما مضى.

قوله تعالى: { أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ } أي: مصعد ومرتقاً يرتقون فيه إلى السماء لاستماع الوحي، { فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم } أي: إن ادعى ذلك { بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } كما جاء محمد صلى الله عليه وسلم على صحة رسالته بحجة ظاهرة.

والآية التي بعدها كقوله تعالى:فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ } [الصافات: 149].

{ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً } أي: أتسألهم جُعْلاً على ما جئتَهم به ودعوتَهم إليه؟

{ فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } أثقلهم ذلك الغرم وقدحهم حتى زهدهم في اتباعك.

{ أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ } وهو اللوح المحفوظ { فَهُمْ يَكْتُبُونَ } ما فيه حتى قالوا: لا نُبعث، وإن بُعثنا لم نُعذب.

وقيل: المعنى: أعندهم الغيب حتى علموا أن محمداً يموت قبلهم، حتى قالوا: نتربص به ريب المنون.

{ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً } لمحمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين يوم دار الندوة، { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } إشارة إليهم. وقيل: إلى كل كافر { هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } المجزيّون بكيدهم، يريد: أن ضرر كيدهم عائد عليهم وراجع إليهم.

{ أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ } يرزقهم ويحفظهم.

ثم نزّه نفسه بقوله تعالى: { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }.