الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } * { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } * { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } * { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ } * { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } * { قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ }

قوله تعالى: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } الاستفهام بمعنى تفخيم شأن القصة، والتنبيه على أن العلم بهذا الحديث لا طريق له سوى الوحي.

وقد سبق أن الضيف في الأصل مصدر، فلذلك يستوي فيه الواحد والجمع، والمذكر والمؤنث، وهم الملائكة الذين جاؤوه بالبشرى. وقد ذكرنا عددهم في سورة هود. ووصفهم بالإكرام؛ لأن خير البرية إبراهيم صلى الله عليه وسلم خَدَمَهُم بنفسه وخَدَمَتْهم زوجه سارة عليهما السلام، وعجّل لهم القِرى بذبح العجل، أو لأنهم [مكرمون] عند الله. قال الله عز وجل:بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } [الأنبياء: 26].

{ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ } الظرف منصوب بـ " مكرمين " على تفسير إكرامهم بخدمة إبراهيم وتعجيل القِرى، وإلا فهو منصوب بإضمار: " اذكروا " ، بما في " ضيف " من معنى الفعل.

{ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } قال الزجاج: ارتفع على معنى: [أنتم] قوم منكرون.

قال ابن عباس: لم يعرفهم.

وقال أبو العالية: أنكر في ذلك الزمان وفي تلك الأرض السلام الذي هو من شعائر الإسلام.

وقيل: أنكرهم؛ لأنه رأى فيهم صورة الملائكة وصورة البشر.

وقيل: لأنهم دخلوا عليه بغير استئذان.

{ فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ } عَدَلَ إليهم في خِفْيَةٍ من ضيفه، وهذا من فُتوّته ومروءته وحسن أدبه وعشرته، فإن مبادرة الضيف بالقِرى وإخفاء ذلك منه لئلا يكفه عنه ويمنعه منه؛ [من] شيم الأكارم وخصال المكارم.

{ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } قال قتادة: كان عامّة مال نبي الله: البقر.

" فجاء بعجل " والمعنى: جاء به مَشْوِيّاً، بدليل قوله تعالى في هود:جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } [هود: 69].

{ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } أنكر عليهم ترك الأكل وحثَّهم عليه.

{ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ } وهو إسحاق عليه السلام، لقوله تعالى: { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ } ، [وقولها] في هود:وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } [هود: 72].

[ويروى] عن مجاهد: أنه إسماعيل. وليس بشيء.

قال ابن قتيبة: لم تُقْبِل من موضع إلى موضع، وإنما هو كقولك: أقْبَلَ يشتمني، أي: أخذ في شتمي.

{ فِي صَرَّةٍ } أي: في صيحة، ومنه: صَرَّ الجُنْدُب، وصَرَّ القلم والباب.

وقيل: في جماعة، ومنه: المُصَرَّاة وصُرَّة الدراهم.

والأول هو التفسير الصحيح. ومحله النصب على الحال. [أي]: جاءت صارَّة.

قال قتادة: تأوَّهَت.

وقال الفراء: قالت: يا ويلتا.

{ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } قال ابن عباس: لَطَمَتْه.

ومعنى الصَّكُّ: ضرب الشيء بالشيء.

قال ابن السائب ومقاتل: جمعت أصابعها فضربت جبينها تعجباً.

{ وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } [أي: أنا عجوز عقيم] فكيف ألِدُ؟

{ قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ } أي: مثل الذي قلنا وأخبرنا به قال ربك، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ } فيما يدبّره { ٱلْعَلِيمُ } بما يقدّره. فأيقن [حينئذ أنهم] ملائكة أرسلهم الله تعالى إليه.