الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } * { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } * { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } * { وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } * { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } * { فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ }

قوله تعالى: { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ } قال الزجاج: " آخذين " نصب على الحال. المعنى: المتقين في جنات وعيون في حال أخذ ما آتاهم ربهم.

{ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ } يعني: في الدنيا { مُحْسِنِينَ } موحدين طائعين.

وقال سعيد بن جبير: آخذين بما أمرهم ربهم، عاملين بالفرائض التي أوجبها عليهم. وروي نحوه عن ابن عباس.

وفي نظم الكلام على هذا اضطراب، ولقد راجعتُ فيه بعض العلماء فقال: هو على حذف المضاف، تقديره: ثواب عملهم بالفرائض.

ويحتمل عندي أن يكون التقدير: إن المتقين في حكمي وعلمي في جنات وعيون، باعتبار ما يؤولون إليه والحكم لهم بذلك في حال كونهم آخذين قابلين ما أمرهم به ربهم، عاملين به، ولهذا قيل في التفسير: كانوا قبل نزول الفرائض محسنين في أعمالهم.

قوله تعالى: { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } الهجوع: النوم في الليل، وخصّه بعضهم بالقليل من النوم، وأنشدوا:
قد حَصَّتِ البيضةُ رأسِي فما    أطعمُ نَوماً غيرَ تَهْجَاع
و " ما " مع الفعل بتأويل المصدر، التقدير: كانوا قليلاً من الليل هجوعهم، فيكون هجوعهم بدلاً من الواو في " كانوا " ، أي: كان هجوعهم قليلاً من الليل. أو صلة زائدة، على معنى: كانوا يهجعون قليلاً من الليل، فـ " يهجعون " على هذا خبر " كان " ، و " قليلاً " ظرف. أو صفة مصدر، على معنى: هجوعاً قليلاً. ويجوز أن يكون تقدير المصدرية: كانوا قليلاً من الليل هجوعهم، وارتفاعه بـ " قليلاً " على الفاعلية، ويجوز أن تكون " ما " موصولة، تقديره: كانوا قليلاً من الليل الذي يهجعون فيه، وارتفاعه أيضاً بـ " قليلاً " على الفاعلية.

وهذا المعنى المستفاد من هذا الإعراب على الأوجه الثلاثة في " ما " مذهب الحسن والأحنف بن قيس والزهري.

وقال ابن عباس: كانوا قلَّ ليلة تَمرُّ بهم إلا صَلُّوا فيها. فيكون " الليل " على هذا القول اسماً للجنس.

وقال عطاء: ذلك حين أمروا بقيام الليل، ثم نزلت الرخصة.

وقيل: إن " ما " نافية.

ثم اختلف القائلون بذلك في توجيه الآية على مسلكين: فذهب قوم، منهم: الضحاك ومقاتل، إلى أن الوقف على قوله: { كَانُواْ قَلِيلاً } على معنى: كانوا من الناس قليلاً، ثم استأنفوا فقالوا: { مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } أي: ما ينامون البتة.

وهذا وإن كان حسناً من حيث المعنى، غير أنه مدخول من حيث صنعة الإعراب؛ لما فيه من تقديم خبر النفي على حرف النفي، قالوا: لا يجوز: [زيداً] ما ضربت.

وذهب قوم إلى أن المعنى: كانوا ما يهجعون قليلاً من الليل، أي: كانوا يسهرون في قليل من الليل.

قال أنس بن مالك: يصلون ما بين المغرب والعشاء، ونظيره:

السابقالتالي
2 3 4