الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } * { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } * { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } * { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } * { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } * { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ }

ثم أقسم بالسماء التي هي من عجائب مخلوقاته، ودلائل عظمته، وقدرته، وحكمته فقال: { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ }.

قال الزجاج: جاء في التفسير: أنها ذات الخلق الحسن. وأهل اللغة يقولون: ذات الحبك: ذات الطُّرُق الحسنة. والمحبوك في اللغة: ما أُجيد عمله، وكل ما تراه من الطرائق في الماء أو في الرمل إذا أصابته الريح فهو حُبُك، واحدها: حِبَاكٌ، مثل: مِثال ومُثُل، ويكون واحدها: حَبيكة، مثل: طريقة وطُرُق.

قلتُ: وإلى أصل هذه الكلمة في اللغة ترجع أقوال المفسرين.

قال ابن عباس وقتادة والربيع: ذات الخلق الحسن السوي.

قال عكرمة: ألم تر إلى النسَّاج إذا نسج الثوب، قيل: ما أحسن حبكه؟.

وقال سعيد بن جبير: ذات الزينة.

وقال الحسن: حُبكَت بالنجوم.

وقال مجاهد: هو المتقن البنيان.

وقال الضحاك: ذات الطرائق ولكنها بعيدة من العباد فلا يرونها.

قال: ومنه: حبك الرمل والماء؛ إذا ضربتهما الريح، وحبك الشعر الجعد. ومنه الحديث في صفة الدجال: [رأسه] حبك حبك، يعني: الجعودة.

وقال أبو صالح وابن زيد: ذات الشدة.

وقد اختلف القراء في هذا الحرف اختلافاً كثيراً، [فقرأه] العامة بضم الحاء والباء، ومثلهم قرأ ابن عباس وأبي بن كعب وأبو رجاء وابن أبي عبلة، غير أنهم أسكنوا الباء، وهي لغة بني تميم، كرُسْل وعُمْد في رُسُل وعُمُد.

ومنهم من فتح الباء جمع حُبْكَة، مثل: طُرْفَة وطُرَف، ونبقة ونبق.

وقرأ عمر بن الخطاب وأبو رزين: " الحِبِك " بكسر الحاء والباء، مثل: إبل وإطل، وهو قليل في الكلام.

وقرأ عثمان بن عفان والشعبي وأبو العالية بكسر الحاء وسكون الباء على التخفيف.

وقرأ ابن مسعود وعكرمة: بفتح الحاء والباء، جمع حَبَكَة، مثل: عَقَبَة وعَقَبٍ.

وقرأ أبو الدرداء وأبو الجوزاء وأبو المتوكل وأبو عمران والجحدري بفتح الحاء وكسر الباء.

وعن الحسن في هذا الحرف اختلاف واسع، ليس هذا موضع استقصائه، والجميع يرجع إلى معنى واحد، وهو ما ذكرناه.

قوله تعالى: { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } جواب القسم الثاني.

والمعنى: إنكم لفي قول مختلف في شأن رسولي وما بعثته به ما بين [شرك وإيمان]، وشك وإيقان، قد فرقتم القول فيه وفي القرآن، هذا يقول: ساحر وسحر، وهذا يقول: شاعر وشعر، وهذا يقول: مجنون، وهذا يقول: معلم، وهذا يقول: أساطير الأولين.

{ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } قال الحسن: يصرف عنه من صرف.

وقد سبق ذكر الإفك وحقيقته في مواضع.

والضمير في " عنه " يعود إلى ما دلّ [عليه] قوله: { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } من الحق، أو الإيمان، أو الصواب، أو الرسول، أو القرآن، وأمثال ذلك.

وجوَّز بعضهم عود الضمير في " عنه " إلى القول المختلف، ولا تكون عنه هاهنا بمنزلة [قولهم]: صرفته عن كذا، إنما المعنى: أُتي من أفك عن جهة القول المختلف، أي: ما وقع به وقع عن هذه الجهة، والمفعول هو الذي يقتضيه " أفك " ، أي: أفك عن كذا وعن الحق عن جهة القول المختلف.

السابقالتالي
2