الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } * { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } * { مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } * { ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }

قوله تعالى: { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } قرأ نافع وأبو بكر والمفضل عن عاصم: " يقول " بالياء، على معنى: يقول الله لجهنم.

وروى عبد الوارث عن أبي عمرو: " يقال لجهنم ".

وقرأ باقي العشرة: " نقولُ " بالنون. وانتصاب " يوم " بـ " ظلام " ، أو بقوله: " ونفخ في الصور ".

وقال الزجاج: نصب " يوم " على وجهين:

أحدهما: على معنى: ما يبدل القول لدي في ذلك اليوم.

وعلى معنى: أنذرهم يوم نقول لجهنم.

قال: والله عز وجل عالم هل امتلأت أم لم تمتلئ، وإنما السؤال توبيخ لمن أُدخلها وزيادة في مكروهه، [ودليلٌ] على تصديق هذا قوله تعالى:لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ } [ص: 85].

وأما " هل من مزيد " ففيه وجهان عند أهل اللغة:

أحدهما: أنها تقول ذلك بعد امتلائها، فتقول: هل من مزيد، أي: هل بقي فيَّ موضع لم يمتلئ، أي: قد امتلأتُ.

ووجه آخر: تقول: " هل من مزيد " تغيظاً [على من عصى الله، كما قال عز وجل:سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً] وَزَفِيراً } [الفرقان: 12].

فأما قولها هذا ومخاطبتها، فالله تعالى جعل فيها ما به تُميِّزُ وتخاطب، كما جعل فيما خلق أن يسبح بحمده، وكما جعل في النملة أن قالت:يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ } [النمل: 18].

وقد زعم قوم أنها امتلأت فصارت صورتها صورة من لو ميَّزَ لقال: هل من مزيد، [كما] قال الشاعر:
امتلأَ الحوضُ، وقال: قَطْنِي    مَهْلاً رُويداً قد ملأتَ بطني
وليس هنالك قول. وهذا لا يشبه ذلك؛ لأن الله تعالى جلّ ذكره قد أعلمنا أن المخلوقات تُسبّح، وأنا لا نفقه تسبيحها، فلو كان ذلك إنما هو أن تَدُلَّ على أنها مخلوقة كُنَّا نفقه تسبيحها. هذا كله كلام الزجاج.

وقال غيره: المزيد إما مصدر وإما اسم مفعول، كالمبيع.

قرأتُ على الشيخ أبي القاسم عبدالله بن الحسين بن عبدالله بن رواحة الأنصاري، أخبركم أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن سلفة الأصبهاني فأقرّ به، أخبرنا الرئيس أبو عبدالله القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي الأصبهاني، أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي النيسابوري بها، أخبرنا أبو أحمد حمزة بن العباس بن الفضل، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شيبان، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة قدمه فيها فتقول: قط قط، ويزوَى بعضها إلى بعض، ولا يزال في الجنة فضلٌ حتى ينشئ الله لها خلقاً فيسكنه فضول الجنة "

السابقالتالي
2