الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } * { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } * { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } * { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } * { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ }

{ وَقَالَ قَرِينُهُ } قال الحسن وقتادة: هو الملك الشهيد عليه.

وقال مجاهد: قرينه الذي قُيض له من الشياطين، يقول: هذا الذي وكلتني به من بني آدم، قد أحضرته وأحضرت ديوان أعماله.

قال الزجاج: " ما " رفع بـ " هذا " ، و " عتيد " صفة لـ " ما " فيمن جعل " ما " في مذهب النكرة. المعنى: هذا شيء لديّ عتيد.

ويجوز أن يكون رفعه بإضمار " هو " ، تقديره: هذا شيءٌ [لدي] هو عتيد.

ويجوز أن يكون خبراً بعد خبر، ويجوز أن يكون بدلاً من " ما " ، المعنى: هذا عتيد.

قوله تعالى: { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ } خطاب للسائق والشهيد.

وقال مقاتل: الخطاب لخازن النار.

فإن قيل: فما وجه مخاطبته بصيغة الاثنين؟

قلتُ: العرب تأمر الواحد بلفظ الاثنين، فتقول: قوما واضربا زيداً يا رجل، وأنشدوا:
فإنْ تَزْجُراني يا ابنَ عفَّانَ أنْزَجِرْ    وإنْ تَتْرُكاني أحْمِ عِرْضاً مُمَنَّعَا
قال الزجاج: [ومثله]:
قِفَا نَبْكِ من ذكرَى حبيبٍ ومنزل    ...........................
وقال المازني: كان الأصل: ألق ألق، فناب ألقيا عن ألق ألق؛ لأن الفاعل كالجزء من الفعل، فكان تثنية الفاعل نائباً عن تكرار الفعل.

وقال قوم: أصله: ألقين، فأبدل من النون ألفاً، كقوله:
..........................     ولا تَعْبُدِ الشيطانَ واللهَ فاعبُدَا
قوله تعالى: { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } قال قتادة: للزكاة المفروضة.

وقال الضحاك: مناع لدخول الناس في الإسلام.

ويقال: إنها نزلت في الوليد بن المغيرة، منع بني أخيه من الدخول في الإسلام.

{ ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } إن كان مبتدأ فخبره: " فألقياه ". ويجوز أن يكون منصوباً على البدل من " كل كفار " ، ويكون قوله: " فألقياه " توكيداً.

قوله تعالى: { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وجمهور المفسرين: هذا قول قرينه الذي قيض له من الشياطين، يتبرأ منه يوم القيامة ويقول: ما أكرهته على الضلال.

{ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } عن الهدى، فهو كقوله:وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ... } [إبراهيم: 22] الآية.

وقال سعيد بن جبير: " قرينه ": المَلَك الذي يكتب السيئات. يقول الكافر: رب إنه زاد عليّ في الكتابة، فيقول المَلَك: " ربنا ما أطغيته " أي: ما زدت عليه، ولا كتبت إلا ما قال وعمل.

فحيئنذ يقول الله تعالى: { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ } أي: لا تختصموا عندي، { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } على ألسنة رسلي.

{ مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ } ذكروا في معناه قولين:

أحدهما: لا يبدل ما وعدته من ثواب وعقاب. وهو قول الأكثرين.

والثاني: ما يُغَيَّر عندي قول ولا يحرّف عن وجهه؛ لأني أعلم الغيب. وهذا قول الكلبي، واختيار الفراء وابن قتيبة والواحدي.

{ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } فأزيد على إساءة المسيء، أو أنقص من حسنات المحسن، أو أعاقب على غير ذنب.

السابقالتالي
2