الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } * { بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } * { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } * { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } * { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ }

قال الله تعالى: { وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } قرأ الأكثرون: " قافْ " [بسكون] الفاء. ونصبها أبو عبدالرحمن وأبو رجاء وأبو المتوكل وأبو الجوزاء، ورفعها أبو رزين وقتادة، وكسرها الحسن وأبو عمران الجوني.

وقد سبق القول على علل ذلك في سورة " ص " ، وعلى الحروف المقطعة في أول سورة البقرة.

قال ابن عباس: هو اسم من أسماء الله تعالى أقسم به.

وقال قتادة: من أسماء القرآن.

وقال مجاهد والفراء والزجاج: معناه: قضي الأمر، كما قيل في " حم ": حُمّ الأمر.

وقال الضحاك: هو اسم للجبل المحيط بالأرض، وهو من زمردة خضراء، عليه كتفا السماء، وخضرة السماء منه.

قال ابن عباس: خلق الله تعالى جبلاً يقال له: قاف، يحيط بالعالم، وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض، فإذا أراد الله تعالى أن يزلزل قرية أمر ذلك الجبل فتحرَّك العرق الذي يلي تلك القرية.

وقال أبو العالية: هو افتتاح اسم قدير.

وقال القرظي: افتتاح كل اسم لله أوله قاف، مثل: قدير، وقاهر، وقريب.

وقال أبو بكر الوراق: معناه: قف عند أمرنا ونهينا.

وقيل: معناه: قل يا محمد.

والمجيد: [الكريم]، في قول ابن عباس وعامة المفسرين.

فإن قيل: أين جواب القسم؟

قلتُ: قال الأخفش: جوابه محذوف، تقديره: والقرآن المجيد لتبعثن. ويدل عليه قوله تعالى: { أَءِذَا مِتْنَا }.

وقيل: جوابه: إن محمداً رسول الله، بدليل قوله تعالى: { بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ }.

وقال ابن كيسان: جوابه:مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ } [ق: 18].

وقيل: { قَدْ عَلِمْنَا } أي: لقد علمنا، فحذف اللام؛ كقوله تعالى:قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } [الشمس: 9].

وقال أهل الكوفة: جوابه: { بَلْ عَجِبُوۤاْ } وهو مفسر في " ص " إلى قوله تعالى: { شَيْءٌ عَجِيبٌ } ، أي: معجب.

{ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً } فيه إضمار، تقديره: نبعث، فحذفه لدلالة الكلام عليه.

{ ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } رد إلى الحياة بعيد غير كائن.

{ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ } أي: ما تأكله من لحومهم وعظامهم وأشعارهم وتشرب من دمائهم.

وقال قتادة: قد علمنا من يموت منهم.

{ وَعِندَنَا } بذلك وبغيره { كِتَابٌ حَفِيظٌ } محفوظ من التبديل والتغيير، أو حافظ لأسمائهم وعدتهم، وهو اللوح المحفوظ.

{ بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ } وقرأ عاصم الجحدري: " لِمَا " بكسر اللام وتخفيف الميم، أي: عند مجيئه إياهم.

قال ابن جني: هو كقولهم: أعطيته ما سأل لطِلْبَتِهِ، أي: عند طلبته ومع طِلْبَتِهِ، وكذلك في التاريخ: لخَمْس خَلَوْن، أي: عند خمس خلون، أو مع خمس خلون، فيرجع ذلك بالمعنى إلى قراءة العامة.

و " الحق ": القرآن.

{ فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ } ملتبس مختلط. ومنه الحديث: " مَرِجَتْ عهودهم وأمانتهم ".

قال الحسن: ما ترك قوم الحق إلا مرج أمرهم.

قال الزجاج في معنى اختلاط أمرهم هاهنا: [هو] أنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم مرة شاعر، ومرة ساحر، ومرة معلم، وللقرآن أنه سحر، ومرة مفترى، فكان أمرهم ملتبساً مختلطاً عليهم.