الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ فَقَاتِلُواْ ٱلَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }

قوله تعالى: { وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا } السبب في نزولها: ما أخرج في الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أتيت عبد الله بن أبيّ. فركب حماراً، وانطلق معه المسلمون يمشون، فلما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم قال: إليك عني! والله لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله أطيب ريحاً منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه، وغضب لكل واحد منهما أصحابه، وكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال، فبلغنا [أنه] أنزلت فيهم: { وَإِن طَآئِفَتَانِ... الآية } ".

قلتُ: واسم الرجل الذي غضب للنبي صلى الله عليه وسلم: عبدالله بن رواحة رضي الله عنه.

والقول على: { وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } كالقول علىهَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ } [الحج: 19].

وقرأ جماعة منهم: ابن مسعود، وأبيّ بن كعب: " اقتتلا ".

{ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا } بالدعاء إلى كتاب الله والرضى بما فيه لهما وعليهما { فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ } بطلب ما ليس لها، غير راضية بما أوجبه كتاب الله لها وعليها، { فَقَاتِلُواْ ٱلَّتِي تَبْغِي } أي: تستطيل بغير الحق، { حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ } أي: ترجع إلى طاعته { وَأَقْسِطُوۤاْ } اعدلوا في الإصلاح بينهما، { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ }.

{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } في الدين.

قال الزجاج: أعْلَمَ اللهُ تعالى أن الدين يجمعهم، وأنهم إخوة، إذا كانوا متفقين في دينهم، فرجعوا بالاتفاق في الدين إلى أصل النسب؛ لأنهم جميعاً ولد آدم وحواء، ولو اختلفت أديانهم لافترقوا في النسب، وإن كانوا في الأصل لأب وأم، ألا ترى أنه لا يرث الابن المؤمن من الأب الكافر، ولا الحميم المؤمن من نسيبه الكافر.

{ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } قرأ الأكثرون على التثنية. وقرأ أبيّ بن كعب، ومعاوية، وسعيد بن المسيب، وقتادة، ويعقوب في آخرين: " بين إخْوَتِكُم " بكسر الهمزة وسكون الخاء وتاء مكسورة.

وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأبو رزين، [وأبو] عبد الرحمن السلمي، والحسن، والشعبي: " إِخوانكم " بكسر الهمزة وألف بعد الواو ونون مكسورة.

وقرأتُ على الشيخين أبي البقاء وأبي عمرو الياسري بهذه الأوجه الثلاثة لأبي عمرو.

والقراءتان تدلك على أن المراد بقراءة العامة الجمع وإن كان بصيغة التثنية.

وفي الصحيحين من حديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يشتمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ".

وقال بكر بن عبدالله المزني: امش ميلاً وعد مريضاً، وامش ميلين وأصلح بين اثنين، وامش ثلاثة أميال وزُرْ أخاً في الله تعالى.

السابقالتالي
2 3