الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ } أي: من آدم وحواء. هذا استنزال للعرب عما أَلِفُوهُ من التفاخر بالأحساب، وتعريض لهم بالزجر عن الاستسخار واللمز والتنابز بالألقاب والغيبة، حيث أعلمهم أنهم من أب واحد وأم واحدة.

{ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ } لا لتتفاخروا.

قال جمهور المفسرين واللغويين: الشُّعُوب: جمع شَعْب - بفتح الشين - وهو الحي العظيم، مثل: ربيعة ومضر، والقبائل دونها؛ كبكر من ربيعة، وتميم من مضر. سميت بذلك؛ لتَشَعُّبِ القبائل منها.

وقال مجاهد: الشُّعوب: النسب الأبعد، والقبائل: النسب الأقرب.

وقيل: الشُّعوب: [عرب] اليمن من قحطان، والقبائل: ربيعة ومضر وسائر عدنان.

وروى عطاء عن ابن عباس: الشُّعوب: الموالي، والقبائل: العرب.

وقال قوم: هم من لا يعرف لهم نسب؛ كالهند والترك.

وقرأ الأكثرون: " لِتَعَارَفُوا " ، وشَدَّد التاء مجاهد وأبو المتوكل وابن محيصن.

وقرأ أبي بن كعب، وابن عباس، والضحاك، وابن يعمر، وأبان عن عاصم: " لِتَعْرِفوا " بغير ألف وكسر الراء وسكون العين، من عرف يعرف، والمفعول محذوف على هذه القراءة.

وقرأ أبو نهيك والأعمش: " لِتَتَعَرَّفُوا " بتاءين مفتوحة الراء مُشدَّدة من غير ألف.

وفي قوله تعالى: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ } إعلام أن ارتفاع المنازل عند الله تعالى بالتقوى لا بالنسب.

قرأتُ على الشيخ أبي الحسن علي بن ثابت الطالباني الفقيه الحنبلي رحمه الله، أخبركم أبو منصور بن مكارم المؤدب فأقرَّ به، أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم السراج، أخبرنا أبو طاهر هبة الله بن إبراهيم بن أنس، أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن عبدالله بن طوق، حدثنا أبو جابر زيد بن عبد العزيز بن حيان، حدثنا محمد بن عبدالله بن عمار، حدثنا المعافى بن عمران رحمه الله، عن موسى بن خلف، عن أبي المقدام، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " منْ سرَّه أن يكون أكرمَ الناس فليتقِ الله عز وجل ".

وبهذا الإسناد قال: حدثنا المعافى، عن هشام [بن] سعد، حدثنا سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله قد أذهب عنكم [عُبَّيَةَ] الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام، إنما هم فحمٌ من فحم جهنم، [أو ليكُونُنَّ] أهونَ على الله من الجِعْلان التي تدفع بأنفها النَّتن ".

وقال رجل لعيسى بن مريم: أيّ الناس أفضل؟ فأخذ قبضتين من تراب فقال: أيّ هاتين أفضل؟ الناس خلقوا من تراب، فأكرمهم أتقاهم.