الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ } قال الزجاج: هو أن تظن بأهل الخير سوءاً. فأما أهل السوء والفسق فلنا أن نظن بهم مثل الذي ظهر منهم.

قال سعيد بن جبير: هو الرجل يسمع من أخيه كلاماً لا يريد به سوءاً، [أو يدخل] مدخلاً لا يريد به [سوءاً]، فيراه أخوه المسلم فيظن به سوءاً.

قال القاضي أبو يعلى بن الفراء رضي الله عنه: هذه الآية تدل على أنه لم يُنْهَ عن جميع الظن، والظن على أربعة أضرب: محظور، ومأمور به، ومباح، ومندوب إليه.

فأما المحظور: فهو سوء الظن بالله تعالى، والواجب حسن الظن بالله تعالى، وكذلك سوء الظن بالمسلمين الذين ظاهرهم العدالة محظور.

وأما الظن المأمور به: فهو ما لم ينتصب عليه دليل يوصل إلى العلم به، وقد تُعُبّدنا بتنفيذ الحكم فيه [والاقتصار] على غالب الظن، وذلك نحو ما تُعُبِّدنا به من قبول شهادة العدول، وتحرّي القِبلة، وتقويم المستهلكات، وأروش الجنايات، التي لم يرد بمقاديرها توقيف.

وأما الظن المباح: كالشاكّ في الصلاة إذا كان إماماً، أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتحري والعمل على ما يغلب على ظنه، فإن فعله كان مباحاً، وإن عدل عنه إلى البناء على اليقين كان جائزاً.

وأما الظن المندوب إليه: فهو إحسانُ الظن بالأخ المسلم، يُندبُ إليه ويُثاب عليه.

وأما ما روي في الحديث: " احترسوا من الناس بسوء الظن " ، فالمراد: الاحتراس بحفظ المال، مثل أن يقول: إن تركت بابي مفتوحاً خشيت السُّرَّاق.

{ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ } وهو الظن الذي نُهي عن مُسَاكنته.

{ وَلاَ تَجَسَّسُواْ } وقرأ أبو رزين، والحسن، والضحاك، وابن سيرين، وأبو رجاء: بالحاء.

قال أبو عبيدة: هما واحد وهو التبحث، ومنه: الجاسوس.

وقيل: [التجسس] - بالجيم -: البحث عن عورات الناس، [وبالحاء]: الاستماع لحديث القوم.

أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن ثابت المعروف بابن الطالباني الفقيه الحنبلي رحمه الله بقراءتي عليه وقراءة غيري، قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم بن أحمد بن سعد المؤدب الموصلي، أخبرنا الشيخ نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم السرّاج، أخبرنا أبو طاهر هبة الله بن إبراهيم بن أنس، حدثنا أبو الحسن علي بن عبدالله بن طوق، حدثنا أبو جابر زيد بن عبدالعزيز بن حيان، حدثنا محمد بن عبدالله بن عمار، حدثنا المعافى بن عمران، عن ابن لهيعة، حدثنا عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسَّسُوا ولا تحسَّسُوا، ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله تعالى ".


السابقالتالي
2 3 4