الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } * { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } * { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً }

أخبرنا الشيخان أبو القاسم وأبو الحسن البغداديان قالا: أخبرنا عبد الأول، أخبرنا عبدالرحمن، أخبرنا عبدالله، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا عبدالله بن مسلمة، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره، وعمر بن الخطاب يسير معه ليلاً، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطاب: ثكلت أم عمر عمر، نَزَرْتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك. قال عمر: فحرّكت بعيري ثم تقدمت أمام الناس وخشيت أن يكون نزل فيّ قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخاً يصيح بي، فقلت: لقد نزل فيّ قرآن، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلّمت عليه فقال: لقد أنزلت عليّ الليلة سورة هي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } " هذا حديث صحيح انفرد بإخراجه البخاري.

وروى عطاء عن ابن عباس قال: لما نزلت:وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } [الأحقاف: 9] قال اليهود: كيف نتبع رجلاً لا يدري ما يُفعل به، فاشتدَّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً }.

وفي المراد بهذا الفتح أربعة أقوال: أنه فتح الحديبية. قاله أكثر العلماء.

وقال البراء بن عازب: نحن نعد الفتح بيعة الرضوان.

قال جابر بن عبدالله: ما كنا نعد فتح مكة إلا يوم الحديبية.

وقال الشعبي: هو فتح الحديبية، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأُطعموا نخل خيبر، وبلغ الهدي محله، وغلبت الروم على فارس، ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس.

وقال الزهري: لم يكن فتحٌ أعظم من فتح الحديبية، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم، فتمكن الإسلام في قلوبهم، وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير.

أخبرنا عبدالله، أخبرنا محمد، حدثنا محمد قال: حدثني أحمد بن إسحاق، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك: " { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } قال: الحديبية، قال أصحابه: هنيئاً مريئاً فما لنا؟ فأنزل الله:لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ } [الفتح: 5] ".

وفي رواية مسلم عن أنس قال: " لما نزلت: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ } إلى قوله: { فوزاً عظيماً } مرجعه من الحديبية، وهم مخالطهم الحزن والكآبة، وقد نحر الهدي بالحديبية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد نزلت عليّ آية هي أحب إليّ من الدنيا جميعاً ".


السابقالتالي
2