الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ سَيَقُولُ لَكَ ٱلْمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَٱسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } * { بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } * { وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً } * { وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

قوله تعالى: { سَيَقُولُ لَكَ ٱلْمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ } وذلك حين استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ حول المدينة من الأعراب، حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية خوفاً من قريش أن يعرضوا له بحرب أو صَدّ عن البيت، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحرم بعمرة وساق الهدي معه ليعلم الناس أنه لا يريد حرباً، فتثاقل عنه كثيراً من الأعراب شكّاً ونفاقاً، فلما رجع أقبلوا إليه يعتذورن بالكذب ويقولون: { شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا } بإصلاحها { وَأَهْلُونَا } بالقيام عليها، { فَٱسْتَغْفِرْ لَنَا }.

قال ابن عباس: هم غفار ومزينة وجهينة وأشجع والديل وأسلم.

يريد: أن المنافقين المخلفين كانوا من هؤلاء القبائل، لا أنهم كلهم بهذه المثابة، فأكذبهم الله تعالى في اعتذارهم وطلبهم من رسوله الاستغفار لهم بقوله تعالى: { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً } وقرأ حمزة والكسائي: " ضُرّاً " بضم الضاد.

قال أبو علي: الضَّر -بفتح الضاد-: خلاف النفع، والضُّر - بضم الضاد -: سوء الحال. ويجوز أن يكونا لغتين في معنى، كالفَقْر والفُقْر، والضَّعف والضُّعف.

والمعنى: فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضراً من قتل أو هزيمة، { أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً } من نصر أو غنيمة.

ثم أكذبهم وهدّدهم بقوله تعالى: { بَلْ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }.

{ بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ } أي: لن يرجع الرسول { وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً } وقرأ ابن مسعود: " إلى أهْلِهِمْ " بغير ياء، ووجههما ظاهر.

{ وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ } لما له عليكم من الشقاء، { وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ } وذلك أنهم قالوا: إنما محمد وأصحابه أكَلَة رأس، فأين تذهبون؟ انظروا ما يكون منهم { وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } هلكى. وقد ذكرنا ذلك في الفرقان.