الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { لِّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }

قوله تعالى: { إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً } قال قتادة: شاهداً على أمتك بالبلاغ.

وقيل: شاهداً بأعمالهم الصالحة والطالحة.

وقيل: شاهداً مبيناً لهم ما أرسلناك به إليهم، وهو مثل قوله:وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } [النساء: 41]، وقوله:وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } [البقرة:143].

قوله تعالى: { ليُؤمنوا بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو: " ليؤمنوا... ويعزروه...، ويوقروه " بالياء فيهن، وهو الذي يقتضيه نظم الكلام. وقرأ الباقون بالتاء فيهن، على معنى: قل لهم: إنا أرسلناك لتؤمنوا. وقد ذكرنا في الأعراف معنى التعزير عند قوله:وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ } [الأعراف: 157].

وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن السميفع: " ويُعززوه " بزاءين، على معنى: تجعلوه عزيزاً.

{ وَتُوَقِّرُوهُ } أي: تُعظموه وتُبجلوه، والضمير يعود للرسول صلى الله عليه وسلم، في قول الضحاك وكثير من المفسرين.

وجمهور القراء يختارون الوقف هاهنا تنبيهاً على عود الضمير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وتمييزاً له عن الضمير الراجع إلى الله تعالى في قوله: { ويسبحوه } ، فامتثل الصحابة رضوان الله عليهم ما نُدبوا إليه من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتعزيره، حتى لقد قال عروة بن مسعود يوم قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الحديبية من جهة قريش حين رجع إليهم: أي قوم! والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمد محمداً، والله إن تنخّم نخامة إلا وقعت في كفّ رجل منهم فدلّك بها وجهه وجلده، وإن أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحدّون النظر إليه تعظيماً له.

وقيل: الضمائر كلها لله تعالى.

قال الزمخشري: من فَرَّقَ بين الضمائر فقد أبعد.

والمراد بتعزير الله: تعزير دينه وتعزير رسوله صلى الله عليه وسلم.

{ ويسبحوه بُكْرَةً وَأَصِيلاً } أي: ينزهوا الله أو يصلُّوا له. وقد سبق في مواضع.

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } وقرأ تمام بن العباس بن عبدالمطلب: " إنما يبايعون لله " ، وهذه بيعة الرضوان يوم الحديبية.

وكان سببها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل الحديبية أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى مكة يقول: إنا لم نأت لقتال أحد، وإنما جئنا زوّاراً لهذا البيت، معنا الهدي نذبحه وننصرف، فقالوا: لا كان هذا أبداً ولا يدخلها العام، فبلغ ذلك المسلمين أن عثمان قد قتل، فقالوا: لا نبرح حتى نناجزهم، فذلك حين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى بيعة الرضوان، فبايعهم تحت الشجرة، وكانوا ألفاً وأربعمائة.

وقال قتادة: ألفاً وخمسمائة.

قال عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت.

السابقالتالي
2