الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ } * { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ ٱلأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } * { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَتُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ } * { أَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ }

قوله تعالى: { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ } قال المفسرون: [كان] المسلمون يقولون اشتياقاً إلى الوحي وحرصاً على الجهاد: لولا، أي: هلاّ.

وكان أبو مالك الأشجعي يقول: " لا " صلة. والتقدير: لو نزلت سورة.

{ مُّحْكَمَةٌ } أي: مبينة، { وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ } الأمر بالجهاد ذكراً محكماً [لا يحتمل من التأويل] إلا وجهاً واحداً وهو وجوب القتال.

{ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } قال ابن [عباس]: نفاق، { يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } أي: تشخص أبصارهم جُبْناً وهلعاً، كما ينظر المغشي عليه عند نزول الموت به.

{ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ } هذا وعيد لهم وتهديد، وهو أفعل، من الولي، وهو القرب.

وقال الأصمعي: معناه: وليك وقاربك ما تكره.

ثم ابتدأ فقال تعالى: { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } قال الخليل وسيبويه: المعنى: طاعة وقولٌ معروف أمثل.

وقيل: هذا حكاية قولهم، أي: قالوا طاعة، أي: أمرنا طاعة وقول معروف. ويؤيده قراءة أبي بن كعب: " يقولون طاعة ".

وذكر بعض المفسرين أنه متصل بما قبله.

والمعنى: فأولى لهم أن يطيعوا وأن يقولوا معروفاً.

قوله تعالى: { فَإِذَا عَزَمَ ٱلأَمْرُ } قال الحسن: جَدَّ. والعزم والجد لأصحاب الأمر، وإسناده إليه إسناد مجازي. وقد سبق نظيره في سورة لقمان.

والمعنى: فإذا جَدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في القتال وتلبسوا به.

{ فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ } أي: فلو صدقوا في الإيمان والجهاد وواطأت قلوبهم ألسنتهم { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ }.

وقوله تعالى: { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَتُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ } قال الزجاج: " عَسَيْتُم " بفتح السين.

وقرأ نافع: " عَسِيتُم ". واللغة الجيدة العالية: " عَسَيْتُم " بفتح السين، ولو جاز " عَسِيتُم " لجاز أن يقال: " عَسِيَ ربكم أن يرحمكم ".

وقرأتُ على شيخنا أبي البقاء ليعقوب من رواية رويس عنه: " تُوُلِّيتم " بضم التاء والواو وكسر اللام، وهي قراءة علي عليه السلام.

وقرأتُ عليه ليعقوب: " وتَقْطَعُوا " بفتح التاء وسكون القاف والتخفيف.

واختلفوا في المخاطبين بذلك؛ فقيل: هم المنافقون، وهو الظاهر.

وقال ابن حيان: هم قريش.

وقال بكر بن عبدالله المزني: الخوارج.

وقال مقاتل: منافقوا اليهود.

فعلى [هذا] القول يكون من خطاب التلوين؛ لأنه كان يخبر عن المنافقين.

ثم التفت إليهم موبخاً لهم فقال: { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ } أي: أعرضتم عن دين الإسلام، وأظهرتم الرجوع إلى عبادة الأصنام أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الفساد في الأرض بالإغارة والنهب، وقطيعة الأرحام بالمقاتلة، ووأد البنات.

أو يكون المعنى: فهل عسيتم إن تأمرتم وتوليتم أمور الناس أن تفسدوا في الأرض بالجور والظلم وقطيعة الرحم.

السابقالتالي
2