الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَىٰ ٱلنَّارِ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } * { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

قوله تعالى: { وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ } أي: لم يضعف عن إبداعهن ولم يعجز عن اختراعهن.

قال الزجاج وغيره: يقال: عَيِيَ فلان بأمره؛ إذا لم يهتد له ولم يقدر عليه، وأعييتُ: إذا تعبت.

{ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ } قال أبو عبيدة والأخفش: الباء زائدة مؤكدة. وقرأتُ على الشيخين أبي البقاء وأبي عمرو الياسري: " يَقْدِرُ " بالياء من غير ألف، جعله فعلاً مضارعاً، وهي قراءة جماعة، منهم: الأعرج، وعاصم الجحدري. واختارها أبو حاتم؛ لأن دخول الباء في خبر " أن " يصح، لا يقال: ظننت أن زيداً بقائم، وساغ دخولها هاهنا في خبر " أن "؛ لاشتمال النفي أول الآية، على " أن " وما في خبرها.

قال الزجاج: لو قلت ما ظننت أن زيداً بقائم جاز.

ويؤيد قراءة العامة قراءة ابن مسعود: " قادر " بغير باء، على تقدير القدرة.

قوله تعالى: { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَىٰ ٱلنَّارِ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ } فيه إضمار، فيقال لهم: أليس هذا بالحق، وهذا المضمر هو ناصب الظرف، و " هذا " إشارة إلى العذاب، بدليل قوله تعالى: { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }.

قوله تعالى: { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } أي: أولوا الجد والثبات والحزم في الأمور.

واختلفوا في " مِنْ " هاهنا؛ فقال ابن الأنباري: دخلت " مِنْ " للتجنيس لا للتبعيض، كما تقول: لبست الثياب من [الخَزّ]، والجباب من [القَزّ].

فعلى هذا القول يكون قوله: " أولوا العزم " صفة للرسل كلهم. وإلى هذا ذهب ابن زيد قال: لم يبعث الله تعالى رسولاً إلا كان من أولي العزم.

والأظهر عند أكثر المفسرين: أنها للتبعيض.

ثم اختلفت عباراتهم في ذلك؛ فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والكلبي في آخرين: " أولوا العزم ": نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين، وهم أصحاب الشرائع.

وعدّ منهم أبو العالية: هود عليه السلام.

وقال ابن جريج: منهم: إسماعيل، ويعقوب، وأيوب، وليس منهم آدم، ولا يونس، ولا سليمان.

وقال ابن السائب أيضاً: هم الذين أمروا بالجهاد والقتال.

وقال الحسين بن الفضل: هم نجباء الرسل الثمانية عشر المذكورين في سورة الأنعام، لقوله عقيب ذلك:أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } [الأنعام: 90].

وقال الحسن البصري: هم الذين لم تصبهم فتنة.

وحكى الثعلبي في تفسيره قال: قال بعضهم: كل الأنبياء أولوا العزم إلا يونس عليه السلام. ألا ترى أن نبينا عليه السلام نُهِيَ أن يكون مثله لعجلة ظهرت منه حين ولى من قومه مغاضباً، فابتلاه الله عز وجل بثلاث، سلط عليه العمالقة حتى أغاروا على أهله وماله، وسلط الذئب على ولده فأكلهم، وسلط الحوت عليه فابتلعه.

السابقالتالي
2