الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ }

قوله تعالى: { وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ } يعني: هوداً { إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ } قال ابن قتيبة: واحد الأحقاف: حِقْف، وهو من الرمل: ما أشرف من كُثبانه واستطال وانحنى.

قال قتادة: هي رمال مشرفة على البحر بأرض يقال لها: الشِّحْر.

قال ابن إسحاق: كانوا ينزلون ما بين عُمَان وحضرموت واليمن كله.

وقال ابن عباس: الأحقاف: وادٍ بين عُمَان ومَهْرة.

وقال مقاتل: في حضرموت، بموضع يقال له: مَهْرة، إليها تنسب الجمال، يقال: إبل مهرة ومهاري, وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع، فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم، وكانوا من قبيلة إرم.

{ وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ } يعني: الرسل { مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } يعني: من قبل هود ومن بعده { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } أي: أنذرهم بأن لا يعبدوا إلا الله، { إِنَّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }.

وقوله تعالى: { وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } اعتراض يشعر بأن الرسل الذين تقدموه والذين جاؤوا من بعده كانوا على سبيل واحد، من الإنذار والدعاء إلى توحيد الله عز وجل.

{ قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا } أي: لتصرفنا { عَنْ } عبادة { آلِهَتِنَا } بالإفك.

قوله تعالى: { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } قال ابن قتيبة: العَارِض: السَّحاب.

وأنشد الأخفش قول أبي [كبير] الهذلي:
[وإذا] نظرتَ إلى أسِرَّةِ وجهه   بَرَقَتْ كبرْق العَارِضِ المتهلل
قال بعضهم: سمي بذلك؛ لأنه مار في السماء، والعارض: هو المار الذي لا يلبث.

قال المفسرون: وكان قد حُبِسَ القطرُ عنهم، فبعث الله تعالى سحابة سوداء، فلما رأوها فرحوا وقالوا: { هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } ، فقال لهم هود: { بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ }.

ثم بيّن ما هو فقال: { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } فجعلت الريح تحمل الفسطاط وتحمل الظعينة فترفعهما حتى ترى كأنها جرادة.

{ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ } أي: تهلك كل شيء مرَّت به من الناس والدواب والأموال { بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ }.

قرأ عاصم وحمزة وخلف ويعقوب: " لا يُرى " بياء معجمة من تحت مضمومة، " مساكنُهم " بالرفع. وقرأ الباقون من العشرة: بتاء معجمة من فوق مفتوحة، " مساكنَهم " بالنصب.

فالقراءة الأولى على معنى: [لا] يرى شيء إلا مساكنهم، ولذلك ذَكَّر الفعل؛ لأنه محمول على " شيء " المضمر، و " المساكن " بدل من " شيء ". والقراءة الثانية على معنى: لا ترى يا محمد، أو لا ترى أيها السامع شيئاً إلا مساكنهم خالية ليس فيها أحد منهم.

والمراد: الإعلام أنها اجْتَثَّتْ أصلهم [واستأصلت] شأفتهم.

وقرأ علي عليه السلام، وأبو عبدالرحمن السلمي، والحسن، وقتادة، والجحدري؛ كقراءة عاصم وحمزة، إلا أنهم جعلوا بدل الياء تاء، على معنى: لا ترى بقايا ولا أشياء إلا مساكنهم.

السابقالتالي
2