الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ }

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ } خبروني، { إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } يعني: القرآن { وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } وهو عبد الله بن سلام، في قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وعامة المفسرين.

وقال سعد بن أبي وقاص: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض أنه من أهل الجنة إلا عبد الله بن سلام، وفيه نزلت: { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ }.

فـ " المِثْل " على هذا: صلة، أي: شهد على صحته، وكونه من عند الله.

وقيل: المعنى: وشهد على ما يماثله في التوراة ويطابقه من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك.

وقيل: وشهد على مثل ما أقول أنه من عند الله، أو على نحو ذلك.

قال الزجاج: والأجود أن يكون على مثل شهادة النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: كونه من عند الله. فيكون المقصود تقريع اليهود وتبكيتهم وإلزامهم الحجة بإسلام عالمهم وابن عالمهم وسيدهم وابن سيدهم عبدالله بن سلام.

وروى الشعبي عن مسروق قال: والله ما نزلت في عبدالله بن سلام؛ لأن آل حم نزلت بمكة، وإنما أسلم عبدالله بالمدينة، وإنما كانت محاجة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

ومثل القرآن التوراة، فشهد موسى على التوراة، ومحمد على القرآن، وكلاهما مصدق الآخر.

فعلى هذا يكون المعنى: وشهد موسى على التوراة التي هي مثل القرآن، ومصدقة له في التوحيد والإخبار بما كان وما يكون، وناطقة بصحته ومخبرة بوجوده.

والأول أشهر وأكثر وأحسن في انتظام الكلام ومطابقة المعنى.

فإن قيل: أين جواب الشرط في قوله: { إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ }؟

قلتُ: هو محذوف. وفي تقديره أربعة أوجه:

أحدها: فمن أضلّ منكم؟ قاله الحسن.

والثاني: أن التقدير: إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد فآمن به، أو تؤمنون؟ قاله الزجاج.

الثالث: تقديره: أتأمنون عقوبة الله؟ قاله أبو علي الفارسي.

الرابع: تقديره: ألستم ظالمين. ويدل على هذا المحذوف قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }. ذكره الواحدي. واختاره صاحب الكشاف قال: فالواو في قوله: { وَكَفَرْتُمْ } عاطفة لـ " كفرتم " على فعل الشرط، كما عطفت " ثم " في قوله:إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ } [فصلت: 52]، وفي قوله تعالى: { وَٱسْتَكْبَرْتُمْ } عاطفة لـ " استكبرتم " على " شهد شاهد " ، [وأما] الواو في قوله تعالى: { وَشَهِدَ شَاهِدٌ } فقال الزمخشري أيضاً: قد عطفت جملة قوله: " شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم " على جملة قوله: " إن كان من عند الله وكفرتم به ".

السابقالتالي
2