الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ }

قوله تعالى: { جَمِيعاً مِّنْهُ } الجار والمجرور في محل الحال. المعنى: سخر لكم هذه الأشياء كائنة من عنده.

ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هي جميعاً منه.

وقرأ جماعة، منهم: عبد الله بن عمرو، [وعبدالله] بن العباس، وأبو مجلز، وابن محيصن، وابن السميفع، والجحدري: " جميعاً مِنَّةً " بفتح النون وتشديدها مع النصب والتنوين على المصدر، بما دل عليه: " وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً " كأنه قال: مَنَّ عليكم مِنَّة.

وقرأ سعيد بن جبير: " مَنُّه " بفتح الميم وتشديد النون ورفعها، على معنى ذلك، أو هو منه، أو هو فاعل " سَخَّر ".

قوله تعالى: { قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } ذهب جمهور المفسرين إلى أنها نزلت في أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فروى عطاء عن ابن عباس: أنهم نزلوا في غزاة بني المصطلق على بئر يقال لها: المريسيع، فأرسل عبد الله بن أبيّ غلامه ليستقي له ماء، فأبطأ عليه، فلما أتاه قال: ما حَبَسَكَ؟ قال: غلام عمر، ما ترك أحداً يستقي حتى ملأ قِرَب النبي صلى الله عليه وسلم، وقِرَب أبي بكر، وملأ لمولاه، فقال عبد الله: ما مثلُنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل: سَمِّن كلبكَ يأكُلْك، فبلغ عمر رضي الله عنه قوله، فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه، فنزلت هذه الآية.

وروى ميمون بن مهران عن ابن عباس أيضاً قال: لما نزلت:مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [البقرة: 245] قال يهودي بالمدينة يقال له: فنحاص: احتاج رب محمد، فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه، فنزل جبريل بهذه الآية، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب عمر، فلما جاء قال: يا عمر ضع سيفك، وتلا عليه هذه الآية.

وقال مقاتل: نزلت في عمر بن الخطاب، وكان قد شتمه رجل، فهمَّ أن يبطش به، فنزلت هذه الآية، وأمره الله تعالى بالعفو والصفح عنه. روي عن ابن عباس أيضاً.

فصل

وعامة المفسرين يقولون: هي منسوخة؛ لأنها نزلت متضمنة الصفح عن المشركين والتجاوز عنهم.

واختلفوا في ناسخها؛ فقيل: آية السيف.

وقيل:فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ } [الأنفال: 57]، وقوله تعالى:وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً } [التوبة: 36]. رويا عن قتادة.

وقال أبو صالح: وقوله تعالى:أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ... الآية } [الحج: 39].

وقال قوم: هي محكمة. وقد ذكرنا أمثال ذلك فيما مضى.

فصل

وأما إعراب " يغفروا " فإنه مثل قوله تعالى:قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } [إبراهيم: 31]. وقد سبق ذكره هناك، وسبق أيضاً [الرجاء]، يطلق بمعنى: الخوف.

السابقالتالي
2