الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } * { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } * { يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ } * { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { فَٱرْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } قرأ نافع وابن عامر: " مُقام " بضم الميم، على أنه اسم المكان، مِنْ أقام، أو تكون مصدراً على تقدير حذف مضاف، تقديره في موضع إقامة. وقرأ الباقون بالفتح، على أنه اسم مكان، مِنْ قَامَ، كأنه اسم للجنس أو للمشهد، كما قال تعالى:فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ } [القمر: 55].

وقوله تعالى: { أَمِينٍ } يدل على أنه اسم مكان.

والمعنى: في مقام أمنوا فيه من جميع المخاوف.

وقد ذكرنا " الجنات " في أوائل سورة البقرة، و " السندس والإستبرق " في الكهف، و " متقابلين " في سورة الحجر.

قوله تعالى: { كَذَلِكَ } أي: الأمر كذلك. ويجوز أن يكون في محل النصب، على معنى: آتيناهم مثل ذلك، { وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }.

قال المفسرون: المعنى: قَرَنَّاهم بهنّ وليس من عقد التزويج.

قال يونس: العرب لا يقولون: تزوج بها، إنما يقولون: تزوجها.

قال أبو علي الفارسي: والتنزيل على ما قال يونس.

وقال ابن قتيبة: يقال: زوجته امرأة، وزوجته بامرأة.

وأما الحور؛ فقال مجاهد: النساء النقيات البياض.

قال أبو [عبيدة]: الحوراء: الشديدة بياض العين الشديدة سوادها. وقد ذكرنا في سورة الصافات معنى " عِين ".

قوله تعالى: { آمِنِينَ } قال قتادة: من الموت والأوصاب والشيطان.

وقيل: آمنين من انقطاع الفاكهة في بعض الأزمنة.

{ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ } قال صاحب الكشاف: إن قلت: كيف استثنيت الموتة الأولى -المذوقة قبل دخول الجنة- من الموت المنفي ذوقه فيها؟

قلتُ: أريد: لا يذوقون فيها الموت البتة، فوضع قوله: { إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ } موضع ذلك؛ لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل، فهو من باب التعليق بالمحال، كأنه قيل: إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها.

وقال ابن جرير: " إلا " بمعنى بعد. وقد ذكرنا هذا في قوله:إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } [النساء: 22]. وأكثر المفسرين يقول: سوى الموتة الأولى التي ذاقوها في الدنيا.

قوله تعالى: { فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ } مفعول له، [أو مفعول] به، على معنى: أعطاهم فضلاً، أو مصدر مؤكد لما قبله؛ لأن قوله تعالى: { وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } تفضل منه لهم، فكأنه قال: تَفَضَّلَ عليهم فضلاً.

وقال الزجاج: المعنى: فعل الله تعالى بهم ذلك فضلاً منه.

وقرئ: " فَضْلٌ " بالرفع، على معنى: ذلك فضل.

قوله تعالى: { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ } يعني: القرآن، { بِلِسَانِكَ } أي: بلغتك { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أراد: أن يفهموه فيتدبروه.

{ فَٱرْتَقِبْ } انتظر ما يحلّ بهم { إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ } هلاكك.

وأكثر المفسرين يقولون: هذه الآية منسوخة بآية السيف.

والصحيح: أنها محكمة، على ما سبق في نظائرها. والله تعالى أعلم.