الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } * { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } * { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } * { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } * { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } * { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } * { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ } أي: فتناهم بما فتحنا عليهم وأتحنا لهم من أسباب الرزق وامتداد العمر حتى بطروا نعمتي، وعبدوا غيري.

وقيل: المعنى: فتنَّاهم بإرسال موسى عليه السلام إليهم.

{ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } شريف وسيط النسب، أو كريم على ربه.

{ أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ } " أنْ " هي المفسرة، أو الخفيفة من الثقيلة، و " عباد الله " مفعول به، أو منادى.

فالأول على معنى: أرسلوا معي بني إسرائيل وسلمهم إليّ. والثاني على معنى: أدوا إليّ عباد الله ما هو واجب عليكم من التمسك بما جئتُ من التوحيد، والتنسك بما أمرتم به على لساني من الحكم والأحكام.

والمعنى الأول قول ابن عباس ومجاهد وأكثر المفسرين. والثاني ذكره الزجاج وغيره.

قال الماوردي: وهو قول محتمل.

قوله تعالى: { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ } " أنْ " هذه كالتي قبلها.

والمعنى: لا تتعظموا وتتكبروا على الله بالاستهانة برسوله.

{ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } حجة ظاهرة تدل على صدقي.

قال المفسرون: لما قال ذلك تواعدوه بالقتل، فقال { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ }.

قال قتادة: بالحجارة.

وقال أبو صالح: ترجمون بالشتم، بأن تقولوا: ساحر أو كاهن أو مجنون.

{ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } تنحّوا عني وخلوا سبيلي واجتنبوا أذاي.

{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ } أي: بأن هؤلاء { قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } أي: مشركون.

قيل: كان دعاؤه: اللهم عجل لهم ما يستحقونه بإجرامهم.

وقرئ: " إنَّ هؤلاء " بكسر الهمزة، على إضمار القول، أو لأن الدعاء في معنى القول.

فأجاب الله دعاءه وقال: { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً } وهو على إضمار القول، تقديره: فقال أسر بعبادي، أو يكون جواب شرط محذوف، تقديره: إن كان الأمر كذلك كما تقول فأسر بعبادي، يعني: بني إسرائيل.

{ إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } يتبعُكم فرعون وجنوده.

{ وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً } ساكناً. ومنه قول الأعشى:
يمشينَ رهْوَاً فَلاَ الأعجازُ خاذلةً   ولا الصُّدُورُ على الأعجاز تَتَّكِلُ
فالمعنى: اتركه ساكناً على حاله بعد انفراقه، فلا تأمره بالالتئام خوفاً منهم.

{ إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } وعبارة المفسرين في الرّهو ترجع إلى هذا الأصل، أو إلى هذا المعنى.

قال قتادة: " رَهْوَاً ": طريقاً يابساً.

وقال مجاهد: منفرجاً.

وقال الربيع: سهلاً.

وقال الضحاك: دمثاً.

وقد ذكرنا قصة غرقهم في البقرة.

والآية التي بعدها مُفسّرة في الشعراء.

قوله تعالى: { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } وهي ما كانوا فيه من السعة والرغد.

قال ابن عمر: هو نيل مصر.

وقال ابن زياد: أرض مصر لكثرة خيرها.

وقد ذكرنا النعمة في [أول] البقرة في قوله تعالى:ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } [البقرة: 40].

و " فاكهين " وقرأ أبو جعفر: " فكهين " ، هو مذكور في يس.

السابقالتالي
2