الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ } * { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } * { يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } * { أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } * { ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } * { إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } * { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ }

قوله تعالى: { بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ } تكذيبٌ لهم في دعواهم الإيقان بالله تعالى، فإنهم لو كانوا مصدقين بذلك ما صدر عنهم ما لا يجامعه من عبادة الأصنام وجحد البعث وتكذيب الرسل.

قوله تعالى: { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } اختلف فيه وفي وقته على قولين:

أحدهما: أنه الجوع الذي أصاب كفار قريش بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، على ما أخبرنا به الشيخان أبو القاسم وأبو الحسن البغداديان قالا: أخبرنا عبدالأول، أخبرنا عبدالرحمن، أخبرنا عبدالله، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا يحيى، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق قال: حدثنا عبدالله - يعني: ابن مسعود - قال: " إنما كان هذا لأن قريشاً لما استعصوا على النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، فأنزل الله تعالى: { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }. قال: فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: يا رسول الله! استسق الله لمضر فإنها قد هلكت، قال لمضر: إنك لجريء، فاستسقى فسقوا، فنزلت: { إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } ، فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية، فأنزل الله تعالى: { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ } قال: يعني يوم بدر " هذا حديث متفق على صحته.

وفي الصحيحين أيضاً عن ابن مسعود قال: " مضى خمس: الدخان، والروم، والقمر، والبطشة، واللزام " وإلى هذا القول ذهب مجاهد وأبو العالية والضحاك وابن السائب ومقاتل.

الثاني: أنه دخان مرتقب يكون في آخر الساعة. وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنين منها كهيئة الزكام ".

وقال ابن أبي مليكة: غدوت على ابن عباس ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت، قلتُ: لِمَ؟ قال: طلع [الكوكب] ذو الذنب فخشيت أن يكون دخاناً قد طرق، فما نِمْتُ حتى أصبحت.

وهذا القول يروى عن علي وابن عمر وأبي هريرة والحسن.

قوله تعالى: { يَغْشَى ٱلنَّاسَ } أي: يشملهم. وهو في محل الجر صفة لـ " دخان ".

{ هَـٰذَا عَذَابٌ } فيه إضمار منصوب على الحال، تقديره: قائلين هذا عذاب { أَلِيمٌ }.

{ رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ } وهو الجوع، على القول الأول. والدخان، على الثاني، { إِنَّا مْؤْمِنُونَ }.

قوله تعالى: { أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ } أي: كيف يذكرون ويتعظون ويفون بما وعدوه من الإيمان عند كشف العذاب، { وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم، ودلائل صدقه ظاهرة، وبراهين رسالته باهرة، فلم يذكروا ولم يتعظوا.

السابقالتالي
2