الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ حـمۤ } * { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } * { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } * { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } * { رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ } * { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ }

قوله تعالى: { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } هذا جواب القسم، والكنايةُ راجعةٌ إلى " الكتاب " ، وهو القرآن، و " الليلة المباركة ": ليلة القدر، في قول ابن عباس وعامة المفسرين، وقد ذكرنا كيفية إنزاله في ليلة القدر في مقدمة الكتاب.

وسنذكر إن شاء الله تعالى معنى بركتها وفضيلتها في سورة القدر.

وقال عكرمة: في ليلة النصف من شعبان.

وهذا بعيد من وجهين:

أحدهما: أنه خلاف ما عليه عامة أهل العلم.

الثاني: أنه يناقض قوله تعالى:شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ } [البقرة: 185]، وقوله تعالى:إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } [القدر: 1].

قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: الرواية عن عكرمة بذلك مضطربة.

قوله تعالى: { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } مرتبط بجواب القسم، على معنى: إنا أنزلناه مفصلاً بالحكم والأحكام، مشتملاً على ضروب النذارة؛ لأن شأننا الإنذار من عذاب النار.

{ فِيهَا يُفْرَقُ } أي: يفصل { كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } أي: محكم.

قال ابن عباس: يكتب.

وقال الضحاك: يقضى.

وقال ابن زيد: ينزل.

قال ابن عباس: يُكْتَبُ من أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال، حتى الحاج.

وإنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى.

قوله تعالى: { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ } قال الأخفش: " أمراً " و " رحمة " منصوبان على الحال. والمعنى: إنا انزلناه آمرين أمراً وراحمين رحمة.

قال الزجاج: ويجوز أن يكون منصوباً بـ " يُفرق " ، بمنزلة يفرقُ فرقاً؛ لأن أمراً بمعنى فَرْقاً.

قال الفراء: ويجوز أن [تنصب] الرحمة بوقوع " مرسلين " عليها، فتكون الرحمة هي النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال الزمخشري: { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ } نصب على الاختصاص. جعل كل أمر جزلاً فخماً بأن وصفه بالحكيم، ثم زاده جزالة وكسبه فخامة بأن قال: أعني بهذا الأمر أمراً حاصلاً من عندنا، كائناً من لدنا.

و " رحمة ": مفعول له، على معنى: إنا أنزلنا القرآن؛ لأن من شأننا إرسال الرسل بالكتب إلى عبادنا لأجل الرحمة عليهم.

قوله تعالى: { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } قرأ أهل الكوفة: " ربِّ " بالجر. وقرأ الباقون بالرفع.

قال الزجاج: الخفض على الصفة، على قولك: من رَبّ. ومن رفع فعلى قوله: " إنه هو السميع العليم ". وإن شئت على الاستئناف، على معنى: هو رب السماوات والأرض.

{ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ } ، ومعنى الشرط: أن إرسال الرسل، وإنزال الكتب رحمة من الرب، ثم قيل لهم: إن هذا الرب هو السميع العليم الذي أنتم مُقرُّون بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما، أي: إن كان إقراركم عن إيقان بالله تعالى وإتقان لمعرفته.

قوله تعالى: { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } قرأ الأكثرون: " ربُّكم وربُّ آبائكم الأولين " برفع الباء فيهما. وقرأتُ على شيخنا أبي البقاء اللغوي رحمه الله للكسائي من رواية الشيزري عنه: بالجر فيهما، بدلاً من " ربك ".