قوله تعالى: { وَلاَ يَمْلِكُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَاعَةَ } كانوا يزعمون أن آلهتهم تشفع لهم عند الله، حتى أن النضر بن الحارث ونفراً معه قالوا: إن كان ما يقول محمد حقاً فنحن نتولى الملائكة، فهم أحق بالشفاعة من محمد، فنزلت هذه الآية. { إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقِّ } استثناء منقطع، على معنى: لكن من شهد بالحق، وهو يوحِّد الله تعالى، وعلَّمه علماً سليماً من الشك، فهو الذي يملك الشفاعة. وقيل: هو استثناء متصل؛ لأن في جملة " الذين يدعون من دون الله ": الملائكة وعيسى وعزيراً. والأول قول قتادة والأكثرين، والثاني قول مجاهد. والواو في قوله: { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } واو الحال. قوله تعالى: { وَقِيلِهِ } قرأ عاصم وحمزة: " وقيلِه " بكسر اللام. وقرأ الباقون بنصب اللام. وقرأ جماعة، منهم: أبو هريرة، وأبو رزين، وسعيد بن جبير، وأبو رجاء، والجحدري، وقتادة: " وقيلُه " برفع اللام. فمن قرأ بالجر عطفه على " الساعة " ، أي: وعنده علم الساعة وعلم قِيله. ومن نصب احتمل ثلاثة أوجه: أحدها: أن يحمله على موضع: " وعنده علم الساعة " ، على معنى: ويعلم الساعة ويعلم قِيلَه. وهو اختيار الزجاج. الثاني: أن يكون منصوباً على المصدر، والعامل فيه فعل مضمر، التقدير: ويقول قيلَه. الثالث: أن يحمله على: " سرّهم ونجواهم " ، التقدير: أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم وقيلَه. ذكرهما الأخفش. وذكر الأوجه الثلاثة أبو علي. وقال مكي: هو معطوف على مفعول " يكتبون " المحذوف، تقديره: [ورسلنا لديهم] يكتبون ذلك وقيلَه. قال: ويجوز أن يكون معطوفاً على مفعول " يعلمون " المحذوف. ذكر هذين الوجهين مع الثلاثة المتقدمة. ومن رفع فعلى الابتداء، والخبر ما بعده، أو هو محذوف، تقديره: وقيلُه يا رب مسموع، أو مُتقبَّل. قوله تعالى: { فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ } أعرض عنهم { وَقُلْ سَلاَمٌ } مثل قوله في القصص:{ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } [القصص: 55]. وهذا منسوخ عند المفسرين بآية السيف. ثم [هددهم] بقوله تعالى: { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }. وقيل: المعنى: فسوف يعلمون أنك صادق عند حلول العذاب بهم. ويحتمل عندي أن يكون المعنى: فسوف يعلمون صدقك عند استفحال سلطانك وانتشار دعوتك، وظهور دينك. وقرأ نافع وابن عامر: " فسوف تعلمون " بالتاء، على الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بمخاطبتهم.