الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } * { أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } * { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } * { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ }

قوله تعالى: { وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ } يريد: يوم القيامة { إِذ ظَّلَمْتُمْ } أي: أشركتم في الدنيا { أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } في محل الرفع على الفاعلية، تقديره: لن ينفعكم الاشتراك في العذاب كما ينفع الواقعين في الأمر الصعب اشتراكهم فيه. وقد قررت هذا المعنى بأوضح من هذا فيما مضى.

ويجوز أن يُجعل الفعل للتمني في قوله تعالى:يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ } [الزخرف: 38] بمعنى: ولن ينفعكم اليوم تمنّي مباعدة القرين.

وقوله تعالى: { أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } تعليل، أي: لن ينفعكم تمنيكم؛ لأن حقكم أن تشتركوا أنتم وقرناءكم في العذاب، كما كنتم مشتركين في سببه، وهو الكفر.

ويؤيده: ما قرأتُه على أبي البقاء عبدالله بن الحسين العكبري رحمه الله من رواية التغلبي عن ابن ذكوان عن ابن عامر: " إنكم " بكسر الهمزة.

قوله تعالى: { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } هذا الاستفهام إنكار تعجيب من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قادر على هدايتهم، حيث كان يدأب نفسه الكريمة في دعائهم، ويحرص على استنقاذهم من هلكة الضلال.

{ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ } مثل قوله تعالى:فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى } [البقرة: 38] وقد ذكرنا إعرابها في أوائل البقرة.

والمعنى: فإن قبضناك قبل أن ننصرك عليهم { فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } في الآخرة، كقوله تعالى:أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } [غافر: 77].

{ أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ } يعني: من العذاب.

قال ابن عباس: أراه ذلك يوم بدر.

وقال الحسن وقتادة: عنى بذلك المسلمين.

وقد كان بعد نبي الله صلى الله عليه وسلم نقمة شديدة، فأكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وذهب به قبل أن يريه في أمته ما يكره.

ويروى: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُري ما يُصيب أمته من بعده، فما رؤي ضاحكاً منبسطاً حتى قبضه الله تعالى.

ثم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالاعتصام بالقرآن تصريحاً، وأمر غيره به تلويحاً فقال: { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ } أي: اثبت عليه وادعُ إليه.

وقوله تعالى: { إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } تعليل لذلك.

{ وَإِنَّهُ } يعني: القرآن { لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } أي: لشرف لك ولهم.

والمراد بقومه: قريش.

وقال قتادة: كل من تابعه من أمته.

{ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } عن حقه وأداء شكره.

قوله تعالى: { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ }

قال ابن عباس وعامة المفسرين: أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأل الأنبياء الذين جُمعوا له ليلة الإسراء.

قال ابن عباس: فلم يسألهم؛ لأنه كان أعرفَ بالله منهم.

قال الزهري: صلى خلفه تلك الليلة كل نبي كان أرسل، وقيل له: اسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا.

ويروى: أن ميكائيل قال لجبريل عليهما السلام: سألك محمد عن ذلك؟ فقال: هو أشد إيماناً وأعظم يقيناً من أن يسأل عن ذلك.

وقال الحسن ومجاهد وقتادة: المراد: واسأل أتباع الرسل من قبلك.

وقيل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد غيره.