الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } * { بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ } * { وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } * { قَٰلَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } * { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ }

قوله تعالى: { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ } قد سبق القول على " أمْ " في مواضع، والضمير في " قبله " يعود إلى الكتاب، [نسبوا] فيه إلينا ما اختلقوه علينا، { فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } بل إضراب عن أن تكون لهم حجة يتمسكون بها إلا قولهم: { إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } دين وملة.

وقرأ عمر بن عبدالعزيز ومجاهد: " إِمَّةٍ " بكسر الهمزة، أي: على طريقة ومقصد.

وقيل: كلتا القراءتين من الأَمّ وهو القَصْد، والأمَّة: الطريقة التي تؤمّ، أي: تُقصد، كالرحلة للمرحول إليه، والإمَّة: الحالة التي يكون عليها الآمّ، وهو القاصد.

وقيل: الأُمَّة: النعمة، وأنشد قول عدي بن زيد:
ثُمَّ بعدَ الفلاحِ والملكِ والأمَّـ   ـة وَارَتْهُمُ هُناكَ القبور
يريدون: وجدنا آباءنا على نعمة وحالة حسنة مرضية فسلكنا طريقهم.

{ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ } " إنّ " واسمها وخبرها والظرف صلة لـ " مهتدون ". ويجوز أن يكون خبراً بعد خبر.

ثم أخبر الله تعالى عنهم أنهم على طريقة من قبلهم في الاقتداء بالآباء، فقال تعالى: { وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ... الآية } ومعنى: " مقتدون ": مُتَّبِعُون.

{ قَٰلَ } لهم يا محمد: { أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ }. وقرأ ابن عامر وحفص: { قال أَوَلَوْ } على الخبر { جئتكم }. وقرأ أبو جعفر: " جئناكم " على الجمع، { بِأَهْدَىٰ } أو بدين أهدى { مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ }. والجواب محذوف، تقديره: أتتبعون آباءكم وتَدَعُون الذين هو أهدى.

قال مقاتل: فردوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله تعالى: { قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون }.

ثم عاد إلى ذكر الأمم الخالية والإخبار عنهم، فقال: { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } بالكتب والرسل.