الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ ٱلإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } * { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ } * { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } * { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } * { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } * { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }

قوله تعالى: { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا } متصل بقوله تعالى:وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } [الزخرف: 9] المعنى: وجعلوا له مع اعترافهم أنه الخالق الفاعل لما عدّدوه من نعمه عليهم من عباده، يريد: الملائكة [جزءاً]، أي: بعضاً له، وهو قولهم: الملائكة بنات الله.

قال الزجاج: وقد أنشدني بعض أهل اللغة بيتاً يدل على أن معنى " جزء " معنى الإناث، ولا أدري البيت قديم أم موضوع، أنشدني:
إنْ أجْزَأتْ حرةٌ يوماً فلا عَجَبٌ   قد تُجزئُ الحرُّةُ المذكارُ أحيانا
أي: [إن] أنثت: ولدت أنثى.

قال الزمخشري: ومن بدع التفاسير: أن الجزء في لغة العرب: اسم للإناث، وما هو إلا كذب على العرب، ووضع مستحدث منحول، ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه: أجزأت المرأة، ثم صنعوا بيتاً وبيتاً، وأنشد:
إن أجزأتْ...............   ......................
قوله تعالى: { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ } " أمْ " منقطعة، تقديره: بل اتخذوا، الهمزة للإنكار؛ تجهيلاً لهم وتعجيباً من شأنهم، حيث جعلوا لله من عباده جزءاً.

ثم لم يقنعوا بذلك حتى جعلوا له الأخس وهو الإناث، [وأصفاهم] بالأخص وهم الذكور.

والذي بعدها مُفسّرة في سورة النحل.

قوله تعالى: { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر: " يُنَشَّأُ " بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين. وقرأ الباقون بفتح الياء وسكون النون وتخفيف الشين. فمن خَفَّفَ بناه على الثلاثي، من قولهم: نَشَأ الغلام، ونَشَأت الجارية، فهو فعل لا يتعدى. ومن شَدَّدَ بناه على الرباعي بتضعيف العين، على: نَشَّأَ يُنَشِّأ، مثل: قَتَّلَ يُقَتِّلُ، وهو أيضاً إنكار عليهم وتوبيخ لهم، على معنى: أجعلتم مَنْ هو بهذه الصفة المذمومة ولداً للرحمن عز وجل، وهو يُربَّى في الزينة والنعمة، فإذا التفّت عليه المحافل في الخصام والجدال، غيرُ مبين بحجة، لضعف عقله ونقصان فطرته.

قال قتادة في هذه الآية: قلما تتكلم امرأة تريد أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها.

قال بعض العلماء: وفي هذه الآية تنبيه على أن النَّشْءَ في الزينة والنعومة من المعايب والمذام، وأنه وصف ربات الحجال، ولذلك عدُّوا قول الحطيئة في الزبرقان:
دَعِ المكارم لا تنهضْ لبُغيَتِها   واقعدْ فإنِّكَ أنتَ الطاعمُ الكاسي
هجواً عظيماً، حتى قال حسان: ما هَجَاهُ ولكن سَلَحَ عليه.

فعلى الرجل الحازم أن يجتنب ذلك ويأنف منه ويربأ بنفسه عنه، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: " اخْشَوْشِنُوا وتمعْدَدُوا ".

قوله تعالى: { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً } قرأ نافع وابن كثير وابن عامر: " عند الرحمن ". وقرأ الباقون " عِبَاد ".

فمن قرأ جعله ظرفاً، احتج بقوله تعالى:

السابقالتالي
2