قوله تعالى: { لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } خزائنهما وما فيهما، فهو يتصرف كيف يشاء، { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً } كما وهب للوط وشعيب عليهما السلام، { وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } كإبراهيم ويعقوب. { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ } يقرنهم { ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً } كما وهب لمحمد صلى الله عليه وسلم. وقال مجاهد وجمهور المفسرين: هو أن تلد المرأة غلاماً ثم جارية، ثم غلاماً ثم جارية. وقال محمد بن الحنفية: أن تلد المرأة توأمين ذكراً وأنثى. { وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً } لا يولد له؛ كيحيى بن زكريا، وعيسى بن مريم عليهما السلام. وهذه الأقسام موجودة في جميع الناس، وإنما ذكرنا الأنبياء عليهم السلام تمثيلاً. { إِنَّهُ عَلِيمٌ } بمصالح العباد وما يصلح لكل واحد منهم من الأولاد { قَدِيرٌ } على ما يصلحهم. قال الزمخشري: فإن قلت: لم قدم الإناث أولاً على الذكور مع تقدمهم عليهنّ، ثم رجع فقدمهم، ولم عرّف الذكور بعدما نكّر الإناث؟ قلتُ: لأنه ذكر البلاء في آخر الآية الأولى، وكفران الإنسان بنسيانه الرحمة السابقة عنده، ثم عقبه بذكر ملكه ومشيئته وذكر قسمة الأولاد، فقدم الإناث؛ لأن سياق الكلام أنه فاعل ما [يشاؤه] لا [ما] يشاؤه الإنسان، فكان ذكر الإناث من جملة ما لا يشاؤه الإنسان أهمّ، والأهمّ واجب التقديم، ولِيَلي الجنس الذي كانت العرب [تَعُدُّهُ] بلاءً ذكر البلاء، فلما أخَّرَهم لذلك تدارك تأخيرهم، وهم أحقاء بالتقديم بتعريفهم؛ لأن التعريف تنويه وتشهير، كأنه قال: ويهب لمن يشاء الفرسان الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم، ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حقه من التقديم والتأخير، وعرف أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن، لكن لمقتضى آخر.