الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } * { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }

قوله تعالى: { لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } خزائنهما وما فيهما، فهو يتصرف كيف يشاء، { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً } كما وهب للوط وشعيب عليهما السلام، { وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } كإبراهيم ويعقوب.

{ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ } يقرنهم { ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً } كما وهب لمحمد صلى الله عليه وسلم.

وقال مجاهد وجمهور المفسرين: هو أن تلد المرأة غلاماً ثم جارية، ثم غلاماً ثم جارية.

وقال محمد بن الحنفية: أن تلد المرأة توأمين ذكراً وأنثى.

{ وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً } لا يولد له؛ كيحيى بن زكريا، وعيسى بن مريم عليهما السلام.

وهذه الأقسام موجودة في جميع الناس، وإنما ذكرنا الأنبياء عليهم السلام تمثيلاً.

{ إِنَّهُ عَلِيمٌ } بمصالح العباد وما يصلح لكل واحد منهم من الأولاد { قَدِيرٌ } على ما يصلحهم.

قال الزمخشري: فإن قلت: لم قدم الإناث أولاً على الذكور مع تقدمهم عليهنّ، ثم رجع فقدمهم، ولم عرّف الذكور بعدما نكّر الإناث؟

قلتُ: لأنه ذكر البلاء في آخر الآية الأولى، وكفران الإنسان بنسيانه الرحمة السابقة عنده، ثم عقبه بذكر ملكه ومشيئته وذكر قسمة الأولاد، فقدم الإناث؛ لأن سياق الكلام أنه فاعل ما [يشاؤه] لا [ما] يشاؤه الإنسان، فكان ذكر الإناث من جملة ما لا يشاؤه الإنسان أهمّ، والأهمّ واجب التقديم، ولِيَلي الجنس الذي كانت العرب [تَعُدُّهُ] بلاءً ذكر البلاء، فلما أخَّرَهم لذلك تدارك تأخيرهم، وهم أحقاء بالتقديم بتعريفهم؛ لأن التعريف تنويه وتشهير، كأنه قال: ويهب لمن يشاء الفرسان الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم، ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حقه من التقديم والتأخير، وعرف أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن، لكن لمقتضى آخر.