قوله تعالى: { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } مثل قوله تعالى:{ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ } [البقرة: 194]. وقد سبق الكلام عليه. قال مجاهد والسدي: إذا قال له كلمة أجابه بمثلها من غير أن يتعدَّى. وقال مقاتل: هذا في القصاص في الجراحات والدماء. ثم رغب في العفو فقال: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ } تعالى. قال الحسن: إذا كان يوم القيامة ينادي مُنادٍ: ليقم من كان أجره على الله، فلا يقوم إلا من عفا. { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } الذين يبدؤون بالظلم. { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } هذا من باب إضافة المصدر إلى المفعول. ويفسره قراءة من قرأ: " بعد ما ظُلِمَ ". { فَأُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى معنى " من " دون لفظها { مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } بعقاب ولا عاب ولا عتاب. { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ } يبتدؤونهم بالظلم، { وَيَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ } بالفساد والتكبر { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }. { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ } أي: صبر على الظلم، وغفر فلم ينتصر { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } مُفسّر في آل عمران. ويروى: أن رجلاً سَبَّ رجلاً في مجلس الحسن البصري، فكان المسبوب يكظم، ويعرق فيمسح العرق، ثم قام فتلا هذه الآية، فقال الحسن: عقلها والله [وفهمها] إذ ضيّعها الجاهلون.