الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

قوله تعالى: { ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي: " يَبْشُر " بفتح الياء وضم الشين، وقرأ باقي القراء العشرة من جميع طرقهم " يُبَشِّر " بضم الياء وفتح الباء وكسر الشين وتشديدها. فالقراءة الأولى من بَشَرَهُ يَبْشُرُه، والثانية من بَشَّرَهُ يُبَشِّرُه.

وقرأ حميد بن قيس: " يُبْشِرُ " ، من أبْشَرَ، يقال: بَشَرَ وأبْشَر وبَشَّر.

قال صاحب الكشاف: والأصل: ذلك الثواب الذي يبشر الله به عباده، فحذف الجار، كقوله تعالى:وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } [الأعراف: 155]، ثم حذف الراجع إلى الموصول، كقوله تعالى:أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } [الفرقان: 41]، أو ذلك التبشير الذي يبشره الله عباده.

قوله تعالى: { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } اختلفوا في سبب نزوله على قولين:

أحدهما: أن المشركين اجتمعوا في مجمع فقال بعضهم لبعض: أترون محمداً يسأل على ما يتعاطاه أجراً؟. قاله قتادة.

وقال ابن عباس: كانوا يؤذونه بمكة، فنزلت هذه الآية.

الثاني: أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانت تنوبه نوائب وليس في يده سعة، فقالت الأنصار: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هداكم الله تعالى به وليس في يده سعة، فاجمعوا له من أموالكم ما لا يضركم، ففعلوا، ثم أتوه به، فنزلت هذه الآية. قاله ابن عباس أيضاً.

وفي هذا الاستثناء وجهان:

أحدهما: أنه متصل، على معنى: لا أسألكم عليه أجراً إلا أن تودوني في نفسي لقرابتي منكم، وهذا لقريش خاصة؛ لأنه لم يكن بطن من بطونهم إلا وبينه وبينهم قرابة. وهذا المعنى قول ابن عباس وعكرمة ومجاهد والأكثرين.

أو على معنى: إلا أن تودوا أهل قرابتي، وهو قول علي بن الحسين وسعيد بن جبير والسدي.

ثم المراد بقرابته قولان:

أحدهما: أنهم فاطمة وعلي وولداهما رضي الله عنهم. روي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

القول الثاني: أنهم الذين تحرم عليهم الصدقة ويقسم فيهم الخمس، وهم بنو هاشم وبنو المطلب.

فإن قيل: أي: المعنيين أشبه بسبب النزول؟

قلتُ: المعنى الأول أشبه بقول ابن عباس الأول وقول قتادة. والمعنى الثاني أشبه بقول ابن عباس الأخير.

الوجه الثاني: أنه استثناء منقطع، على معنى: لكن أسألكم أن تودوني لقرابتي، أو تودوا قرابتي أهل بيتي.

وقال الحسن: المعنى: إلا أن تودوا لله تعالى وتتقربوا إليه بالطاعة والعمل الصالح.

وقال ابن زيد: إلا أن تودوا لي كما تودون قرابتكم. هذا بالقول الثاني في سبب النزول أشبه.

وقيل: إلا أن تودوا قرابتكم وتصلوا أرحامكم. وهو بعيد.

قوله تعالى: { وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً } أي: يكتسب حسنة، { نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً }.

السابقالتالي
2