قوله تعالى: { فَلِذَلِكَ } قال الفراء: المعنى: فإلى ذلك، تقول: دعوت إلى فلان، ودعوت لفلان. قال ابن السائب: المشار إليه: القرآن. وقال مقاتل: التوحيد. والأجود في نظري: أن تكون الإشارة إلى ما دلّ عليه قوله تعالى:{ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ } [الشورى: 13]. وقال الزمخشري: المعنى: فلأجل ذلك التفرق ولما حدث بسببه من تَشَعُّب الكفر شعباً { فَٱدْعُ } إلى الاتفاق والائتلاف على الملة الحنيفية، { وَٱسْتَقِمْ } عليها وعلى الدعوة إليها { كَمَآ أُمِرْتَ } أي: كما أمرك الله تعالى في القرآن، { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ } الباطلة المختلفة. { وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَابٍ } يريد: الإيمان بجميع الكتب المنزلة؛ لأن الذين تفرقوا آمنوا بالبعض وكفروا بالبعض. { وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } إذا ترافعتم إليّ. وقيل: لأعدل بينكم في تبليغ الرسالة. { ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ } فهو يقضي بيننا وبينكم { لَنَآ أَعْمَالُنَا } عبادة الله ودين الإسلام، { وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } طاعة الشيطان وعبادة الأصنام { لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } أي: لا خصومة بيننا وبينكم في الدين. فصل ذهب أكثر المفسرين إلى نسخ ما اشتملت عليه هذه الآية من مشاهدة الكفار ومتاركتهم. وذهب جماعة من المفسرين إلى أنها محكمة، وأن المعنى: لا حجة بيننا وبينكم بعد ظهور الحق ووضوحه؛ لأن المحاجة بعد ظهور الحجة لا حاجة إليها.