الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ حـمۤ } * { تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } * { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } * { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }

قوله تعالى: { تَنزِيلٌ } قال الزجاج: " تنزيل ": مبتدأ، خبره: { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ } هذا مذهب البصريين.

وقال الفراء: يجوز أن يرتفع " تنزيل " بـ " حم " ، ويجوز أن يرتفع بإضمار: هذا.

وقال الزمخشري: إن جعلتَ " حم " اسماً للسورة كانت في موضع المبتدأ. و " تنزيل " خبره. وإن جعلتَها تعديداً للحروف كان " تنزيل " خبر مبتدأ محذوف، و " كتاب " بدل من " تنزيل " ، أو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف، ويجوّز الزجاج أن يكون " تنزيل " مبتدأ، و " كتاب " خبره. ووجهه: أن تنزيلاً تخصص بالصفة فساغ وقوعه مبتدأ.

قوله تعالى: { فُصِّلَتْ آيَاتُهُ } مُفسّر في أول هود.

{ قُرْآناً } نصب على الحال. أي: فصلت آياته في حال كونه قرآناً عربياً.

وقيل: نصب على المدح والاختصاص.

{ لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } متعلق بـ " تنزيل " أو بـ " فصلت ".

قال صاحب الكشاف: الأجودُ أن يكون صفة مثل ما قبله وما بعده، أي: قرآناً عربياً كائناً لقوم عرب، لئلا يفرق بين الصلات والصفات.

{ بشيراً ونذيراً } صفة لـ " قرآناً ". وقرئ: " بشير ونذير " بالرفع، صفة للكتاب، أو خبر مبتدأ محذوف.

{ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } لا يقبلون. وقد ذكرنا مثل هذا فيما مضى.

{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ } أغطية، وقد سبق ذكره وذكر الوقر.

وهذه تمثيلات لنُبُوِّ قلوبهم عن تقبل الحق الذي جاء به.

{ فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } قال الفراء: اعمل ما تعلم من دينك إنا عاملون بما نعلم من ديننا.

وقال ابن السائب: اعمل في هلاكنا إنا عاملون في هلاكك.

وقد سبق ذكر الويل في البقرة.

فإن قيل: هذه السورة مكية والزكاة فرضت بالمدينة، فكيف وصفهم في معرض الذم بمنع الزكاة؟

قلتُ: عنه أجوبة:

أحدها: معناه: الذين لا يزكون أعمالهم. قاله ابن عمر ومجاهد. الثاني: لا يأتون ما يصيرون به أزكياء. قاله الحسن. وهو معنى قول ابن عباس: لا يشهدون أن لا إله إلا الله.

الثالث: لا يتصدقون ولا ينفقون في الطاعة. قاله الضحاك.

فإن قيل: على هذا القول لم خص منع الزكاة من بين أوصافهم المذمومة بالذِّكر؟

قلتُ: تقريعاً لهم بالشُّحِّ الذي تأنف منه النفوس الأبية والأمة العربية. فإن قيل: لم قرنه في الذِّكر بالكفر بالآخرة؟

قلتُ: لتوغله في الإثم، ولذلك ألحق مانع الزكاة بالكافر في شرعته، ونصب لهم [الصّدّيق] راية القتال حتى عاودوا رشدهم وعادوا عن إلحادهم.

قوله تعالى: { لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي: غير مقطوع ولا منقوص.