الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } * { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } * { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ }

قوله تعالى: { لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ } أو من دعائه الخير، فحذف الفاعل وأضافه إلى المفعول.

والمعنى: لا يسأم من طلب السعة في المال وسوغ النعم.

{ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ } وهو الفقر والضيق { فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ }.

قال الزمخشري: بُولغ فيه من طريقين؛ بناء فعول، والتكرير. وهذه صفة الكافر، بدليل قوله تعالى:إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ } [يوسف: 87].

{ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ } أي: ولئن فرجنا عنه فأذقناه غنى بعد فقر، أو صحة بعد مرض { لَيَقُولَنَّ } أشَراً وبَطَراً وبغياً: { هَـٰذَا لِي } أي: حقي وصل إليّ؛ لأني أستوجبه بما عندي من الاستحقاق له.

ثم يتمادى في جهله وغيه حتى يقول إنكاراً لقدرة الله تعالى على البعث بعدما رأى وشاهد من تقلبات أحواله وآثار تصرفات الله تعالى فيه: { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً }.

ثم يقول على سبيل الفرض والتقدير: { وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } الحالة الحسنى من النعمة والكرامة كما أعطاني في الدنيا.

قال الحسن بن علي عليهما السلام: الكافر في أُمنيتين، أما في الدنيا فيقول: لئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى، وأما في الآخرة فيقول: يا ليتني كنت تراباً.

ثم [هدّدهم] بالآية التي تلي هذه.

والآية التي بعدها مُفسَّرة في أواخر بني إسرائيل.

والمراد بالعريض: الكثير. والعرب تستعمل الطول والعرض في معنى الكثرة، يقولون: أطال فلان الكلام وأعْرَض؛ إذا كثر.