الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } * { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } * { مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا } سبق تفسير الإلحاد وذكر اختلاف القُرَّاء فيه في أواخر سورة الأعراف.

والمراد به هاهنا: التكذيب بالآيات، في قول قتادة.

والميل عن الأدلة، في قول أبي مالك.

ومعاندة الرسل في قول السدي.

والمكاء والصفير عند تلاوة القرآن، في قول مجاهد.

{ لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ } وعيدٌ لهم على التحريف، { أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ } وهو أبو جهل، في قول عامة المفسرين.

{ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } وهو عمار بن ياسر، في قول عكرمة.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم، في قول ابن السائب ومقاتل.

وعمر بن الخطاب، [في] قول ابن زياد.

وحكى الثعلبي: أنه عثمان بن عفان.

وحكى الواحدي: أنه حمزة، رضي الله عنهم.

والظاهر: أنه عام في كل مؤمن وكافر.

وباقي الآية وعيد وتهديد.

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ } وهو القرآن، في قول عامة المفسرين.

وخبر " إنّ ":أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت: 44]. وقيل: محذوف، تقديره: كفروا به أو يجازون بكفرهم.

وقال الزمخشري: إن قلت: بم اتصل قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ }؟

قلتُ: هو بدلٌ من قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا }؛ لأنهم لكفرهم به طعنوا فيه وحرفوا تأويله.

{ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ }: منيع محمي.

قال ابن عباس: كريم على الله. وقال السدي: غير مخلوق.

{ لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } أي: لا يتطرق إليه بوجه من الوجوه.

قال سعيد بن جبير: لا يأتيه التكذيب.

وقال قتادة: لا يستطيع إبليس أن ينقص منه حقاً ولا يزيد فيه باطلاً.

فإن قيل: أليس قد تأوّله المبطلون وحرّفه الملحدون إلى مقاصدهم وأقرب الأشياء عهداً بذلك ما حكيته في سورة الحجر من إلحاد ذلك الزائغ الذي [حرّف] كتاب الله في ملأ من الأشراف؟

قلتُ: الذي ضمنه الله تعالى حفظ كتابه، وأن الباطل لا يلبس به، وذلك حاصل والحمد لله.

وأما تحريف الغالين وتأويل الزائغين فقد قيض الله سبحانه وتعالى رجالاً يبيّنون عواره ويوضحون فساده، ويدفعون ما ليس منه.

قوله تعالى: { مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ } قال قتادة وجمهور المفسرين: المعنى ما يقول المشركون لك إلا مثل ما قال للرسل كفار قومهم من الأقوال المؤذية، كقولهم: ساحر ومجنون. فتكون الآية على هذا القول تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم.

وقال الكلبي: المعنى: ما تخبر إلا ما أخبر الأنبياء قبلك، وهو { إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ } لمن آمن بالله وصدق المرسلين { وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } لمن كفر بالله وكذّب المرسلين.