{ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال الزمخشري: " ثم " لتراخي الاستقامة عن الإقرار في المرتبة. وفضلها عليها؛ لأن الاستقامة لها الشأن كله. ونحوه قوله تعالى:{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ } [الحجرات: 15]. والمعنى: ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضياته. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ثم استقاموا على أن الله ربهم وحده. ويؤيد هذا القول: ما أخرجه الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال: قد قال الناس ثم كفر أكثرهم، فمن مات عليها فهو [ممن] استقام ". وقال ابن عباس: استقاموا على أداء الفرائض. وقال قتادة: استقاموا على الطاعة. وقال السدي: استقاموا على الإخلاص والعمل إلى الموت. أخرج الإمام أحمد رضي الله عنه في كتاب الزهد بإسناده عن الزهري: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو يخطب الناس على المنبر: { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال: استقاموا على الطريقة والله بطاعته ثم لم يروغوا روغان الثعالب. وقال سفيان بن عبد الله الثقفي: يا رسول الله! أخبرني بأمر أعتصم به؟ قال: قل: ربي الله ثم استقم. وقال قتادة: كان الحسن إذا تلا هذه الآية بكى وقال: اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة. { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } قال ابن عباس ومجاهد: يعني: عند الموت، بالبشرى. وقال قتادة: عند خروجهم من قبورهم للبعث. وقيل: البشرى في ثلاثة مواطن: عند الموت، وفي القبر، وإذا قاموا من قبورهم. { أَلاَّ تَخَافُواْ } " أنْ " بمعنى: أي. وقيل: مخففة من الثقيلة، على معنى ضمير الشأن. قال مجاهد: لا تخافوا الموت { وَلاَ تَحْزَنُواْ } على أولادكم. وقال عكرمة: لا تخافوا أمامكم ولا تحزنوا على ما خلفكم. وقد ذكرنا فيما مضى: أن الخوف غَمٌّ يلحق الإنسان لتوقع المكروه. والحزن: غَمٌّ لوقوع المكروه. ثم تقول لهم الملائكة: { نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } أي: نحن الذين نتولاكم في الدنيا ونحبكم لما نرى من أعمالكم الصالحة، ونحن الذين نتولاكم اليوم إلى أن تدخلوا الجنة. { ولكم فيها ما تدعون } قال مقاتل: ما تتمنّون. وقال غيره: ما تدعون أنه لكم فهو مملوك لكم بحكم ربكم. { نُزُلاً } نصب على الحال من الموصول أو من الضمير الموصول المحذوف. أي: ما تدعونه نُزُلاً، والنُّزُل: رزق النزيل، وهو الضيف. وقد أشرنا إلى ذلك فيما مضى.