الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } * { نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } * { نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال الزمخشري: " ثم " لتراخي الاستقامة عن الإقرار في المرتبة. وفضلها عليها؛ لأن الاستقامة لها الشأن كله. ونحوه قوله تعالى:إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ } [الحجرات: 15]. والمعنى: ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضياته.

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ثم استقاموا على أن الله ربهم وحده.

ويؤيد هذا القول: ما أخرجه الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال: قد قال الناس ثم كفر أكثرهم، فمن مات عليها فهو [ممن] استقام ".

وقال ابن عباس: استقاموا على أداء الفرائض.

وقال قتادة: استقاموا على الطاعة.

وقال السدي: استقاموا على الإخلاص والعمل إلى الموت.

أخرج الإمام أحمد رضي الله عنه في كتاب الزهد بإسناده عن الزهري: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو يخطب الناس على المنبر: { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال: استقاموا على الطريقة والله بطاعته ثم لم يروغوا روغان الثعالب.

وقال سفيان بن عبد الله الثقفي: يا رسول الله! أخبرني بأمر أعتصم به؟ قال: قل: ربي الله ثم استقم.

وقال قتادة: كان الحسن إذا تلا هذه الآية بكى وقال: اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة.

{ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } قال ابن عباس ومجاهد: يعني: عند الموت، بالبشرى.

وقال قتادة: عند خروجهم من قبورهم للبعث.

وقيل: البشرى في ثلاثة مواطن: عند الموت، وفي القبر، وإذا قاموا من قبورهم.

{ أَلاَّ تَخَافُواْ } " أنْ " بمعنى: أي. وقيل: مخففة من الثقيلة، على معنى ضمير الشأن.

قال مجاهد: لا تخافوا الموت { وَلاَ تَحْزَنُواْ } على أولادكم.

وقال عكرمة: لا تخافوا أمامكم ولا تحزنوا على ما خلفكم.

وقد ذكرنا فيما مضى: أن الخوف غَمٌّ يلحق الإنسان لتوقع المكروه. والحزن: غَمٌّ لوقوع المكروه.

ثم تقول لهم الملائكة: { نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } أي: نحن الذين نتولاكم في الدنيا ونحبكم لما نرى من أعمالكم الصالحة، ونحن الذين نتولاكم اليوم إلى أن تدخلوا الجنة.

{ ولكم فيها ما تدعون } قال مقاتل: ما تتمنّون.

وقال غيره: ما تدعون أنه لكم فهو مملوك لكم بحكم ربكم.

{ نُزُلاً } نصب على الحال من الموصول أو من الضمير الموصول المحذوف.

أي: ما تدعونه نُزُلاً، والنُّزُل: رزق النزيل، وهو الضيف. وقد أشرنا إلى ذلك فيما مضى.