الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } * { إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } * { فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } * { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ }

قوله تعالى: { فَإِنْ أَعْرَضُواْ } أي: إن تولوا عن الإيمان بعد هذا البيان { فَقُلْ } محذراً لهم ومخوفاً: { أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ }.

وروي شاذاً عن ابن كثير: " صَعْقَةً مثل صَعْقَةِ " بغير ألف فيهما.

والمعنى: أنذرتكم أن ينزل بكم ما نزل بمن كفر من الأمم قبلكم من العذاب الشديد، الوقع الذي كأنه صاعقة.

وخصّ هاتين الأمّتين بالذِّكْر؛ لأن قريشاً كانت تَمُـرُّ بمنازلهم وآثارهم في أسفارهم.

{ إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أي: من كل جانب، وأعملوا فيهم كل حيلة فلم يؤمنوا.

وقال الحسن: أنذروهم وقائع الله فيمن قبلهم من الأمم وعذاب الآخرة، فقد جاؤوهم بالوعظ والتخويف من جهة الزمن الماضي والمستقبل.

وقيل: جاءتهم الرسل من قبلهم ومن بعدهم.

فإن قيل: كيف يستقيم هذا القول وقد قال: " جاءتهم الرسل "؟

قلتُ: الرسل كلهم جاؤوا بدين التوحيد وإيجاب التصديق بكل رسول، فكأن الرسل جميعهم قد جاؤوهم.

{ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ } يعني: أي: لا [تعبدوا]. وقيل: هي مخففة من الثقيلة.

قالوا استبعاداً لإرسالهم إليهم وتكذيباً لهم: { لَوْ شَآءَ رَبُّنَا } ، ومفعول " شاء " محذوف، تقديره: لو شاء إرسال الرسل { لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } ولم يرسل بشراً، { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } هذا ليس اعتراف منهم برسالتهم، وإنما هو على طريقة التهكم بما أرسلتم به على زعمكم.

ثم قَصَّ الله تعالى قصة عاد وثمود فقال: { فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } أي: تكبروا وعتوا على الناس، أو تكبروا عن الإيمان { وَقَالُواْ } حين توعدهم هود بالعذاب: { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } فنحن ندفع ما يجيء به، اغتراراً بفخامة أجسامهم وعِظَم أجرامهم.

قوله تعالى: { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } قال أبو عبيدة: هي الشديدة الصوت.

قال الزمخشري: هي العاصفة التي تُصَرْصِر، أي: تصوّت في هبوبها.

وقال الزجاج: وأكثر التفسير: أنها الشديدة البرد.

قال غيره: هي الباردة التي تحرق ببردها، تكرير لبناء الصرّ، وهو البرد الذي يصرّ، أي: يجمع.

وقال مجاهد: هي السموم.

{ فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } قرأ أبو جعفر وابن عامر وأهل الكوفة: " نحِسات " بكسر الحاء، وأسكنها الباقون من العشرة.

فمن كسر الحاء، فالواحد: " نَحِس " ، مثل: فَرِق وحَذِر، وجُمِعَ على ذلك. ومن أسكن الحاء فالواحد " نَحْس ".

قال الزمخشري: إما مخفف نَحِس، أو صفة على فَعْل، أو وصف لمصدر.

قال مجاهد وقتادة: " نَحِسَات ": مشؤومات.

قال ابن عباس: كُنَّ آخر شوال من يوم الأربعاء إلى يوم الأربعاء، وذلكسَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً } [الحاقة: 7]، قال: وما عُذّب قوم إلا في يوم الأربعاء.

وقال الربيع بن أنس: أولها يوم الجمعة.

وقال السدي: يوم الأحد.