الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } * { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } * { فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

قوله تعالى: { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } قال ابن عباس وعبد الله بن سلام والسدي والأكثرون: يوم الأحد ويوم الاثنين.

ومن حديث أبي هريرة في صحيح مسلم قال: " أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الاثنين... ".

وقد ذكرت الحديث في سورة الأعراف عند قوله تعالى:إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } [الأعراف: 54]، وذكرنا ثمة ما لا غنى لك عن النظر فيه، وذكرنا كيفية خلق السماوات والأرض في أوائل البقرة.

قوله تعالى: { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا } وهي الجبال.

فإن قيل: ما الحكمة في [تثبيتها] بالجبال من فوقها، وهلاّ كانت لها دعائم كسائر الأبنية؟

قلتُ: جعلها فوقها لاستقرارها والانتفاع بها والاستدلال على قدرة مُنشئها وعظمته، وليعلم أن للماسك والممسوك قادراً ممسكاً.

{ وَبَارَكَ فِيهَا } بإجراء أنهارها وإنشاء أشجارها وإخراج زرعها وثمارها.

{ وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا } أرزاق أهلها بما يصلحهم في معايشهم.

{ فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً } قرأ أبو جعفر: " سواءٌ " بالرفع. وقرأ يعقوب وعبد الوارث والقزاز عن أبي عمرو: " سواءٍ " بالجر، والباقون بالنصب.

قال الزجاج: من قرأ بالخفض جعل سواء صفة للأيام. المعنى: في أربعة أيام مستويات تامات، ومن نصب فعلى المصدر، على معنى: استوت سواءً واستواءً، ومن رفع فعلى معنى: هي سواء.

ومعنى: [ { لِّلسَّآئِلِينَ } ] معلق بقوله تعالى: { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا } لكل محتاج من خلقه إلى القُوت.

وإنما قيل: " للسائلين "؛ لأن كلاً يطلب القُوت ويسأله، ويجوز أن [يكون للسائلين] لمن سأل: في كم خُلقت السموات والأرض؟

فقيل: خُلقت الأرض في أربعة أيام سواء، لا زيادة على ذلك ولا نقصان، جواباً لمن سأل. هذا كلام الزجاج.

قلتُ: والمعنى الأول قول ابن زيد، والثاني قول قتادة.

قوله تعالى: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ } أي: عمد إليها وهي دخان متصاعد من الماء.

قال المفسرون: لما خلق الله تعالى الماء أرسل عليه الريح فثار منه دخان، فارتفع وسما.

{ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } أي: جيئا بما خلقتُ فيكما لمصالح عبادي، أو افعلا ما آمركما [اختياراً] أو اضطراراً.

قال ابن عباس: رَكَّبَ فيهما العقل فخاطبهما، فقال للسموات: أطلعي شمسك وقمرك ونجومك، وقال للأرض: شقِّقي أنهارك وأخرجي ثمارك.

{ قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } قال ابن عباس: أتت السماء بما فيها، والأرض بما فيها.

قال أبو النصر: نطق من الأرض موضع الكعبة، ونطق من السماء ما بحيالها، فوضع الله تعالى فيها حرمه.

وقيل: إن ظهور الطاعة منهما قام مقام قولهما.

قال الزجاج: " طائعين " منصوب على الحال، وإنما قال: " طائعين " دون طائعات؛ لأنهن جرين مجرى ما يعقل ويُميز، كما قال في النجوم:

السابقالتالي
2