الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

ثم أخبر سبحانه وتعالى بفضل المؤمنين فقال: { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ } وهم أربعة أملاك، فإذا كان يوم القيامة جعلوا ثمانية.

قال ابن عباس: حملة العرش ما بين [منكب] أحدهم إلى أسفل قدمه مسيرة خمسمائة عام.

وقال مسروق: أرجلهم في الأرض السفلى ورؤوسهم قد خرقت العرش، وهم خشوع لا يرفعون طرفهم، [وهم] أشد خوفاً من أهل السماء السابعة، وأهل السماء السابعة أشد خوفاً من أهل السماء السادسة، والتي تليها أشد خوفاً من التي تليها.

وقال مجاهد: بين الملائكة وبين العرش سبعون حجاباً من نور.

قال ابن عباس: لما خلق الله تعالى حملة العرش قال لهم: احملوا عرشي، فلم يُطيقوا، فخلق مع كل مَلَكَ منهم مثلَ جنود من في السموات من الملائكة ومن في الأرض من الخلق، فقال: احملوا عرشي فلم يُطيقوا، فخلق مع كل منهم مثلَ جنود سبع سموات وسبع أرضين، وما في الأرض من عدد وخلق، وعد الحصى والثرى، فقال: احملوا عرشي، فلم يُطيقوا، فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلما قالوها استقلوا عرش ربنا عز وجل، قال: فنفدت أقدامهم في الأرض السابعة على متن الثرى فلم تستو، فكتب على كل قدم من أقدامهم اسماً من أسمائه عز وجل، فاستقر في أقدامهم.

وروى شهر بن حوشب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن خلقاً من الملائكة يقال له: إسرافيل، زاوية من زوايا العرش على كاهله وقدماه على الأرض السفلى، وقد مرق رأسه من سبع سماوات، وإنه ليتضاءل من عظمة الله عز وجل حتى يصير كأنه الوَصَع ".

وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أُذن لي أن أحدث عن ملك من الملائكة من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرةُ سبعمائة عام ".

قوله تعالى: { وَمَنْ حَوْلَهُ } قال وهب بن منبه: حول العرش سبعون ألف صف من الملائكة [يطوفون به، ومن وراء هؤلاء مائة ألف صف من الملائكة]، ليس منهم أحد إلا وهو يسبح بما لا يسبح الآخر.

وقال غيره: الذين حول العرش هم الكروبيون، وهم سادة الملائكة.

{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } هذا تفسير لقوله تعالى:وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ } [الشورى: 5].

{ رَبَّنَا } أي: يقولون ربنا { وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً } قال الزجاج: النصب على التمييز.

وقال غيره: المعنى: وسعتْ رحمتُك وعلمُك كلَّ شيء.

{ فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ } من الشرك { وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ } وهو الإسلام.

قوله تعالى: { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ } أي: عذاب السيئات.