الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } * { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ } * { لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } * { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } * { فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } * { ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ }

وما بعده ظاهر ومفسر إلى قوله تعالى: { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ } أي: ليس له استجابة دعوة.

وقال ابن السائب: ليس له شفاعة.

قوله تعالى: { فَسَتَذْكُرُونَ } وقرأ ابن مسعود وأبو العالية: " فستذَكَّرون " بفتح الذال وتخفيفها وتشديد الكاف وفتحها.

وقرأ أبي بن كعب: بفتح الذال والكاف وتشديدهما.

والمعنى: فستذكرون في الآخرة.

وقيل: عند نزول العذاب بكم.

{ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } من النصيحة { وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } معتصماً به متوكلاً عليه. وكانوا توعدوه لمخالفته دينهم، { إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } أوليائه وأعدائه.

قال المفسرون: ثم إن المؤمن خرج من بين أظهرهم، فلم يَقْدِرُوا عليه، ونجا مع موسى حين جاوز البحر، فذلك قوله تعالى: { فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ } أي: ما دبروه فيما بينهم ليغتالوه به، { وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ } أحدق بهم وأحاط بهم { سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } أشده وأقبحه، وهو الغرق. وقد ذكرناه في البقرة.

أو يكون المراد بسوء العذاب: ما أعدّ الله تعالى لهم في الآخرة من عذاب الجحيم، فيكون قوله تعالى: { ٱلنَّارُ } بدلاً من " سوء العذاب " ، أو خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هو النار. وعلى الأول: " النار " مبتدأ، خبره: { يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا }.

قال ابن مسعود وابن عباس: إن أرواح آل فرعون في [أجواف] طير سود، يُعرضون على النار كل يوم مرتين، فيقال: يا آل فرعون هذه داركم.

وقال حماد بن محمد [الفزاري]: سمعت الأوزاعي وسأله رجل فقال: يرحمك الله رأينا طيوراً تخرج من البحر تأخذ ناحية المغرب فوجاً فوجاً، فلا يَعْلَمُ عَدَدَها إلا اللهُ تعالى، فإذا كان العشاء رجع مثلها سوداً. قال: فطنتم لذلك؟ قال: نعم. قال: إن تلك الطيور في حواصلها أرواح آل فرعون يعرضون على النار غدواً وعشياً، فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها وصارت سوداً، فينبت عليها من الليل رياش بيض، وتتناثر السود، ثم تغدو فيعرضون على النار غدواً وعشياً، ثم ترجع إلى وكورها، فذلك دأبهم في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى: { أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ }.

وفي الصحيحين من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن الجنة، وإن كان من أهل النار فمن النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله تعالى إليه يوم القيامة ".

وفي هذه الآية حجة على صحة عذاب القبر.

{ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ } قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر: " الساعة ادخُلوا " بالوصل وضم الخاء، والابتداء على قراءتهم بضم الهمزة. وقرأ الباقون: " أَدْخِلُوا " بهمزة مقطوعة مفتوحة وصلاً ووقفاً، وكسر الخاء، على معنى الأمر للملائكة بإدخال آل فرعون { أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } ، أي: أفظع عذاب في نار جهنم.