الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ } * { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي: ولقد جاءكم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين من قبل موسى بالدلالات الواضحات على وحدانية الله تعالى. وهذا قول عامة المفسرين.

وحكى النقاش عن الضحاك: أنه رسول من الجن يقال له: يوسف. وليس بشيء.

{ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ } قولاً من عند أنفسكم غير مستند إلى حجة: { لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } فأقمتم على كفركم وظننتم أن الله لا يؤكد حجته عليكم ولا يرسل رسولاً إليكم، { كَذَلِكَ } أي: مثل ذلك الضلال { يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } كافر { مُّرْتَابٌ } شاكٌّ في الله تعالى وفي رسله عليهم الصلاة والسلام.

قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ } قال الزجاج: هو في موضع نصب على الرد على " مَنْ " ، أي: كذلك يضل الله الذين يجادلون { فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ } بغير حجة أتتهم.

ويجوز أن يكون موضع " الذين " رفعاً، على معنى: مَنْ هُوَ مُسرفٌ مرتابٌ [هم] الذين يجادلون في آيات الله.

وقال صاحب الكشاف: { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ } بدل من { مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ }.

فإن قلت: كيف يجوز إبداله منه وهو جمع وذاك موحد؟

قلتُ: لأنه لا يريد مسرفاً واحداً، فكأنه قال: كل مسرف.

فإن قلت: ما فاعل " كَبُرَ "؟

قلتُ: [ضمير] من هو مسرف.

فإن قلتَ: أما قلت هو جمع، ولهذا أبدلت منه " الذين يجادلون "؟

قلتُ: بلى، هو جمع في المعنى. وأما اللفظ فموحد، فحمل البدل على معناه، والضمير الراجع إليه على لفظه. ويجوز أن يرفع " الذين يجادلون " على الابتداء، ولا بد في هذا الوجه من حذف مضاف يرجع إليه الضمير في " كَبُرَ " ، تقديره: جدال الذين يجادلون كبر مقتاً، ويحتمل أن يكون " الذين يجادلون " مبتدأ؛ و " بغير سلطان أتاهم " خبراً، وفاعل " كَبُرَ " قوله تعالى: { كَذَلِكَ } أي: كَبُرَ مقتاً مثل ذلك الجدال، و { يطبع الله } كلام مستأنف.

قال المفسرون: يجادلون في إبطالها والتكذيب بها بغير حجة واضحة أتتهم من الله.

و " مَقْتَاً " نصب على التمييز.

{ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } قرأ أبو عمرو وابن عامر بخلاف عنه: " قلبٍ " بالتنوين، على وصف القلب بالتكبر والتجبر؛ لأنه مقرهما، أو على معنى: على كل ذي قلب، فيجعل الصفة لصاحب القلب. وقرأ الباقون: " قلبِ " بغير تنوين على الإضافة.

قال الزجاج: وهو الوجه؛ لأن المتكبر هو الإنسان.