الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } * { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ } * { وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } * { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }

{ وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ } يعني: إن أقمتم على كفركم { مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } أي مثل أيامهم، كقول الشاعر:
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا     ......................
ثم فسر فقال: { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } أي: أخافُ عليكم مثلَ جزاء دأبهم، أي: عادتهم في الإقامة على الكفر، فينزل بكم مثل ما نزل بهم.

وقيل: الثاني عطف بيان للأول.

{ وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } وقرأ ابن كثير ويعقوب: " التنادي " بإثبات الياء في الحالين، وافقهما وَرْش في الوصل.

قال الزجاج: الأصل إثبات الياء، وحذفها حسن جميل؛ لأن الكسرة تدل على الياء وهو رأس آية، وأواخر هذه الآيات على الدال.

والمراد: يوم القيامة، سمي بذلك؛ لمناداة بعضهم بعضاً.

قال ابن جريج: هو قولهم: يا حسرتنا، يا ويلتنا.

وقال غيره: يُنادى كلُّ أناس بإمامهم.

وقال قتادة: ينادي أهل الجنة أهل النارأَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً } [الأعراف: 44]، وينادي أهل النار أهل الجنةأَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } [الأعراف: 50].

وقرأ جماعة؛ منهم: أبو بكر الصديق وابن عباس وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وأبو العالية والضحاك رضي الله عنهم: " التَّنَادّ " بتشديد الدال من غير ياء، من قولهم: ندّ فلان وندّ البعير؛ إذا هرب على وجهه.

فالمعنى: يوم يندّ الناسُ بعضُهم من بعض، وهو قوله تعالى: { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } ، ومثله:يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [عبس: 34-35].

قال الضحاك: إذا سمعوا زفير النار ندّوا هراباً، فلا يأتون قطراً من الأقطار إلا رأوا الملائكة صفوفاً، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قوله تعالى: { يَوْمَ تُوَلُّونَ } فراراً من النار.

وقال قتادة: منصرفين من موقف الحساب إلى النار.

{ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } أي: من مانع.

وفي قائل: { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } قولان:

أحدهما: أنه موسى عليه السلام.

والثاني: مؤمن آل فرعون.