{ وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ } يعني: إن أقمتم على كفركم { مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } أي مثل أيامهم، كقول الشاعر:
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا
......................
ثم فسر فقال: { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } أي: أخافُ عليكم مثلَ جزاء دأبهم، أي: عادتهم في الإقامة على الكفر، فينزل بكم مثل ما نزل بهم. وقيل: الثاني عطف بيان للأول. { وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } وقرأ ابن كثير ويعقوب: " التنادي " بإثبات الياء في الحالين، وافقهما وَرْش في الوصل. قال الزجاج: الأصل إثبات الياء، وحذفها حسن جميل؛ لأن الكسرة تدل على الياء وهو رأس آية، وأواخر هذه الآيات على الدال. والمراد: يوم القيامة، سمي بذلك؛ لمناداة بعضهم بعضاً. قال ابن جريج: هو قولهم: يا حسرتنا، يا ويلتنا. وقال غيره: يُنادى كلُّ أناس بإمامهم. وقال قتادة: ينادي أهل الجنة أهل النار{ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً } [الأعراف: 44]، وينادي أهل النار أهل الجنة{ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } [الأعراف: 50]. وقرأ جماعة؛ منهم: أبو بكر الصديق وابن عباس وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وأبو العالية والضحاك رضي الله عنهم: " التَّنَادّ " بتشديد الدال من غير ياء، من قولهم: ندّ فلان وندّ البعير؛ إذا هرب على وجهه. فالمعنى: يوم يندّ الناسُ بعضُهم من بعض، وهو قوله تعالى: { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } ، ومثله:{ يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [عبس: 34-35]. قال الضحاك: إذا سمعوا زفير النار ندّوا هراباً، فلا يأتون قطراً من الأقطار إلا رأوا الملائكة صفوفاً، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قوله تعالى: { يَوْمَ تُوَلُّونَ } فراراً من النار. وقال قتادة: منصرفين من موقف الحساب إلى النار. { مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } أي: من مانع. وفي قائل: { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } قولان: أحدهما: أنه موسى عليه السلام. والثاني: مؤمن آل فرعون.