الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } * { يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ }

قوله تعالى: { وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } قال ابن عباس: لم يكن مؤمن غيره وغير امرأة فرعون، والرجل الذي قال لموسى:إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ } [القصص: 20].

قال السدي ومقاتل: كان ابن عم فرعون.

وقال ابن السائب: كان اسمه عزقيل، وكان ملكاً على نصف الناس، وله الملك من بعد فرعون.

وقال ابن عباس: اسمه: خربيل.

وقال كعب وابن إسحاق: حبيب.

وقيل: سمعون - بالسين المهملة -.

وقيل: سمعان - بالسين والشين -.

وقيل: كان المؤمن إسرائيلياً.

والأول أصح.

وكان إيمانه بموسى.

وقيل: كان مؤمناً قبل مجيء موسى.

والأول أظهر.

قوله تعالى: { مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } صفة لـ " رجل ". وقيل: صفة لـ { يَكْتُمُ } [أي] يكتم { إِيمَانَهُ } من آل فرعون.

{ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ } أي: لأن [تقتلون] رجلاً يقول ربي الله.

{ وَقَدْ جَآءَكُمْ } على صدقه { بِٱلْبَيِّنَاتِ } وهي اليد والعصا في جملة الآيات التسع.

{ مِن رَّبِّكُمْ } أي: من عند ربكم.

فإن قيل: أين الكتمان مع هذا التصريح؟

قلت: المعنى: كان يكتم إيمانه إلى أن صدر منه هذا القول.

فإن قيل: ما المانع أن يكون التقدير: من ربكم على زعمه، بدليل قوله: { وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ } وهذا ينفي التصريح بالإيمان، أو يكون الله تعالى حكى ما في نفسه من غير أن يكون صرح بقوله: { مِن رَّبِّكُمْ }؟

قلتُ: الآية الأخرى وهي قوله: { لهم } مذكراً بأنعم الله عليهم ومحذراً لهم من زوالها، وحلول بأس الله عز وجل بهم وما يتلوها مما حكى الله عنه من قوله لقومه ما ينفي ذلك.

فإن قيل: فما معنى قوله: { وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ }؟

قلتُ: هو استدراجٌ لهم إلى الهدى بألطف طريق، [واستنزالٌ] لهم عن أذى موسى بأحسن وساطة ومناصفة.

فإن قيل: لم قال: " بعض الذي يعدكم "؟

قلتُ: قال الزجاج: هذا باب من النَّظَر، يذهب فيه المناظر إلى إلزام الحجة بأيسرِ ما في الأمر، وليس في هذا نفي إصابة الكل، ومثله قول الشاعر:
قد يُدْرِكُ المتأنِّي بعضَ حاجته    وقد يكونُ مِنَ المستَعْجِلِ الزَّللُ
وإنما ذكر البعض ليوجب له الكل؛ لأن البعض من الكل، ولكن القائلَ إذا قال: أقلَّ ما يكون للمتأني إدراكُ بعض الحاجة، وأقلُّ ما يكون للمستعجل الزلل، فقد أبان فضلَ المتأني على المستعجل بما لا يقدر الخصم أن يدفعه.

وقال الزمخشري: أراد أن يَهضمه بعضَ حقه في ظاهر الكلام، وتقديم الكاذب على الصادق من هذا القبيل، وكذلك قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ }.

قرأتُ على الشيخ أبي الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة، أخبركم عبد الأول.

السابقالتالي
2