الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } * { قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } * { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } * { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ } قال قتادة: يُنادون يوم القيامة.

وقال السدي: في النار.

{ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ } أي: لمقت الله أنفسكم أكبر من مقتكم أنفسكم.

{ إِذْ تُدْعَوْنَ } منصوب بالمقت الأول، والمعنى: يُقال للكافرين يوم القيامة: كان اللهُ يمقتكم حين كان الأنبياء يدعونكم إلى الإيمان، فتأبون عليهم أشد من مقتكم اليوم لأنفسكم.

قال الحسن: لما رأوا أعمالهم الخبيثة مقتوا أنفسهم، فنودوا: { لَمَقْتُ... } الآية.

وقيل: المعنى: لمقتُ الله إياكم إذ عصيتموه أكبرُ من مقت بعضكم بعضاً حين يتلاعن القادة والأتباع ويتبرّأ بعضكم من بعض.

وقيل: المعنى: لمقت الله إياكم اليوم حين شاهدتم ما وُعدتم به أكبرُ من مقتكم أنفسكم.

وقوله تعالى: { إِذْ تُدْعَوْنَ }: تعليل, فالمَقْتُ: أشدّ البغض. وقد سبق.

قوله تعالى: { قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ } أي: أمَتَّنا إماتتين وأحييتنا إحيائين، أو أمَتَّنا موتتين وأحييتنا إحيائين.

وقد سبق تفسير ذلك في أوائل البقرة في قوله تعالى:وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ } [البقرة: 28]، وذكرنا ثمة ما هو الصحيح الذي يجب أن يعتمد عليه في التفسير.

وقال السدي: أُميتوا في الدنيا ثم أُحيوا في قبورهم، ثم أُميتوا في قبورهم ثم أُحيوا في الآخرة.

وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: أحياهم حين أخذ الميثاق عليهم، ثم أماتهم بعده، ثم أحياهم حين أخرجهم، ثم أماتهم عند انقضاء آجالهم.

{ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا } وذلك أنهم كانوا ينكرون البعث في الدنيا، فلما تكررت عليهم الإماتة والإحياء علموا أن الله تعالى قادر على ذلك وعلى ما يشاء، فاعترفوا حينئذ بذنوبهم التي اقترفوها من إنكار البعث وغيره.

{ فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ } من النار وتخليص مما نحن فيه من العذاب { مِّن سَبِيلٍ } كأنهم سألوا العود إلى الدنيا ليقروا بالبعث ويعملوا بالطاعة.

وفي الكلام محذوف، تقديره: لا سبيل لكم إلى الخروج.

قوله تعالى: { ذَلِكُم } أي: ذلكم الذي أنتم فيه ولا تقدرون على التخلص منه بسبب أنه { إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ } فقيل: لا إله إلا الله { كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَٱلْحُكْمُ للَّهِ } فهو الذي حكم عليكم بالعذاب الشديد { ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ }: سبق تفسيرهما.