الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } * { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِي تَقُولُ وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً }

قوله: { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } قال مقاتل: السبب في نزولها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أحبني فقد أحب الله، فقال المنافقون: ألا تسمعون ما يقول، لقد قارب هذا الرجل الشرك. فنزلت هذه الآية ".

{ وَمَن تَوَلَّىٰ } عن طاعتك، { فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } أي: رقيباً تحفظ عليهم أعمالهم، وتحاسبهم عليها.

قال المفسِّرون: وهذا كان قبل الأمر بالقتال، ثم نُسِخ بآية السيف.

قوله: { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ } أي: ويقول المنافقون لك إذا أمرتهم أو نهيتهم: شأننا أو أمرنا طاعة.

{ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ } أي: خرجوا، { بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِي تَقُولُ } قرأ أبو عمرو وحمزة: " بَيَّتْ طَائِفَةٌ " بإدغام التاء في الطاء؛ لأنهما من حيز واحد.

وقرأ الباقون: بالإظهار وفتح التاء؛ لانفصال الحرفين، واختلاف المخرجين.

والطائفة بمعنى: الفريق، والتأنيث فيه غير حقيقي، فلذلك ذَكَّر الفعل.

قال الزجَّاج: وكل أمر فُكِّر فيه بليل فقد بُيِّت، ومنه قوله تعالى:إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } [النساء: 108]. والمعنى: زَوَّرت وسوَّت خلاف ما قُلتَ وما أمرت به. وقيل: المعنى: غير الذي تقول الطائفة، وتظهر من الطاعة.

{ وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ } أي: يُثبته في صحائف أعمالهم، أو يكتبه فيما يوحيه إليك وينزله عليك، ليعلمك أسرارهم وإصْرارهم.

{ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } أي: عن الانتقام منهم.

قال ابن عباس: نسخ هذا بالأمر بقتالهم.

{ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } فهو يكفيك شأنهم، وينتقم لك منهم إذا استفحل أمرك، وعظم سلطانك، وكثر أعوانك.