{ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ } فيه وجهان: أحدهما: أن يكون مجروراً عطفاً على " سبيل الله " ، أي: في سبيل الله وسبيل خلاص المستضعفين. والثاني: أن يكون منصوباً على الاختصاص، بمعنى: وأختص من سبيل الله خلاص المستضعفين، لأن سبيل الله عام في كل خير، وخلاص المستضعفين من المسلمين من أيدي الكفرة من أعظم الخير وأخصه. هذا قول صاحب الكشاف. { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ } قوم أسلموا بمكة وصدَّهم المشركون عن الهجرة فلم يستطيعوا الخروج. وفي صحيح البخاري عن ابن عباس: أنه تلا هذه الآية فقال: " كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنْ المُسْتَضْعَفين ". وفي ذكر الولدان تسجيل على الكفرة بالإفراط في التعدي والبغي، حيث تعدى ظلمهم وأذاهم إلى الأطفال. { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ } يعنون: مكة { ٱلظَّالِمِ أَهْلُهَا } بالشرك والعدوان. قال الزجَّاج: { ٱلظَّالِمِ أَهْلُهَا } نعت للقرية. ووَحَّدَ الظالم؛ لأنه صفة تقع موقع الفعل، يقال: مررت بالقرية الصالح أهلها، أي: التي صَلَحَ أَهلُها. { وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } أي: وَلِّ علينا رجلاً مؤمناً يتولى أمورنا. { وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيراً } ينصرنا على عدونا، ويمنعنا منهم، فاستجاب الله دعاءهم، فهاجر مَن هاجر منهم، وأزال أذى الكفر عنهم. قال ابن عباس: فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جعله الله وليهم، واستعمل عليهم عَتَّاب بن أَسِيد فكان نصيراً لهم، ينصف الضعيف من القوي. والمراد بقوله: { يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ }: الشيطان، وهو اسم جنس، { إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ } يعني: مكره وتدبيره { كَانَ ضَعِيفاً } بالنسبة إلى كيد الله ومكره.