الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } * { وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُوْلُواْ ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينُ فَٱرْزُقُوهُمْ مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } * { وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً }

قوله تعالى: { لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ } قال ابن عباس وقتادة وجمهور المفسِّرين: كانوا لا يُورثون النساء في الجاهلية، ولا الصغار، وإنما يُورثون من حَاز الغنيمة، وحمى الذّمار، فلما توفي أوس بن ثابت الأنصاري أخذ ابنا عمه ماله دون زوجته وبناته، فجاءت زوجته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكت إليه وذكرت له ذلك، فأنزل الله هذه الآية، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابني العم: لا تُفرِّقا من مال أوس شيئاً، فإن الله جعل لبناته نصيباً - ولم يُبَيّن كم هو - حتى أنظر ما يُنْزِل الله فيهن، فأنزل الله:يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ } [النساء: 11] إلى قوله -:ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [النساء: 13]، فأرسلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى ابني العم أن ادفعا إلى الزوجة الثمن، وإلى بناته الثلثين، ولكما باقي المال.

قوله تعالى: { نَصِيباً مَّفْرُوضاً } منصوب على الاختصاص بإضمار " أعني " ، أو حال.

وقال الأخفش: هو نصب على [معنى]: جعل لهم نصيباً، والآية تدل عليه، لأن قوله: { لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ } ، { وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ } يدل على معنى: جعل لهم نصيباً.

والمفروض: الذي فرضه الله، وهو آكد من الواجب.

قوله: { وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ } يعني: قسمة المواريث، { أُوْلُواْ ٱلْقُرْبَىٰ } يريد: أقرباء الميت الذين لا يرثون.

{ فَٱرْزُقُوهُمْ مِّنْهُ } خطاب للورثة، حَضَّهم الله على الرَّضْخ لأقاربهم تطييباً لقلوبهم، والضمير في " منه " لما يقسم، أو يعود إلى قوله: " مما ترك الوالدان " ، وغير مستبعد أن يعود الضمير إلى " نصيباً " ، ولم أر أحداً ذكره.

والأكثرون على أنه أمر استحباب، إذ لو كان فريضة لَحُدَّ وقُدِّرَ، كما في سائر الحقوق.

وذهب قوم - منهم: مجاهد وابن سيرين -: إلى أنه أمر إيجاب.

ثم اختلف القائلون بالوجوب في والي اليتيم هل يرضخ من ماله؟ فروي عن ابن سيرين عن عَبيدة السَّلْماني: أنه فعله، وقال: لولا هذه الآية لفعلت ذلك من مالي، وفعل نحو ذلك ابن سيرين.

وذهب قوم إلى أنها منسوخة بآية الميراث.

والصحيح: أنها محكمة.

وفي الصحيحين عن ابن عباس، أنه قال: هي محكمة وليست بمنسوخة، ولكنها مما تهاون الناس بها.

وقال سعيد بن جبير: والله ما نُسِخت، ولكنها مما تهاون به الناس.

{ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } قال الحسن والنخعي: أدركنا الناس وهم يقسمون على القرابات، والمساكين، واليتامى من العين - يريدان: الذهب والفضة- فإذا صارت القسمة إلى الأرض والرقيق، قالوا لهم قولاً معروفاً، كانوا يقولون لهم: بورك فيكم.

وقال سعيد بن جبير: إن كان الورثة كباراً دعوا لهم، وان كانوا صغاراً قال وليهم: لستُ أملك هذا المال، إنما هو لهؤلاء الصغار، فإذا بلغوا أمرناهم أن يعرفوا حقكم.

السابقالتالي
2