قوله: { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلْمُلْكِ } ، " أم " منقطعة، والاستفهام بمعنى الإنكار، والتقدير: بل ألهم نصيب من الملك، أي: ليس لهم ذلك. { فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً } قال الفرّاء: هذا جواب لجزاء مضمر، كأنك قلت: ولئن كان لهم نصيب لا يؤتون الناس [إذاً] نقيراً. قال الزجاج: وتأويل " إذاً ": إن كان الأمر كما جرى، أو كما ذكرتَ. يقول القائل: زيدٌ يصيرُ إليكَ، فتقول: إذاً أُكرمه، أي: إن كان الأمر على ما تَصِفُ، وقع إكرامه. { أَمْ يَحْسُدُونَ } أي: بل أيحسدون الناس، يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم، في قول ابن عباس وجمهور المفسِّرين. وقال علي رضي الله عنه في قوله: { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ } قال: يعني: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر. وقال قتادة: يريد: العرب. { عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } وهو النبوة، والحكمة، واستفحال أمر الإسلام. { فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ } وهم سِنْخ محمد { ٱلْكِتَٰبَ } يريد: جنس الكتب: التوراة، والإنجيل، والزبور، { وَٱلْحِكْمَةَ } وهي النبوة. وقيل: التفقه في الدين، فغير بدْعٍ أن يسلك بسَلِيلِهم واضح سبيلهم. { وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } قال ابن عباس: هو ملك يوسف، وداود، وسليمان. وقيل: الجمع بين سياسة الدنيا، وشرع الدين. وقد أخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد بإسناده عن عمرو بن ميمون قال: " رأى موسى عليه السلام رجلاً عند العرش، فغبطه بمكانه، فسأل عنه، فقيل: سأخبرك بعمله؛ لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يمشي بالنميمة، ولا يعق والديه ". قوله: { فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ } أي فمن اليهود من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ كعبد الله بن سلام، { وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ } أعرض { عَنْهُ }. هذا قول ابن عباس والأكثرين. وقال مجاهد: " آمن به " أي: بالذي أنزل على محمد، فيكون الكلام مبنياً على قوله: { مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ }. وقيل: الضمير في قوله: " فمنهم " يعود إلى آل إبراهيم. قال السدي: المعنى: فمن آل إبراهيم من آمن بإبراهيم. وقال مقاتل: المعنى: فمن آل إبراهيم من آمن بالكتاب، ومنهم مَن صدّ عنه.