الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } * { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } * { يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً }

قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } قال ابن عباس: لا ينقص مثقال ذرة من عمل منافق إلا جازاه بها.

ومثقال كل شيء: وَزْنُه.

قال الأصمعي: إذا قلت للرجل: ناولني مثقالاً فأعطاك صنجة ألف أو [صنجة] حبة، كان ممتثلاً.

والذَرَّة في اللغة: أصغر النَّمل.

وفي قراءة عبد الله: " مثقال نملة ".

وروي عن ابن عباس: أنه أدخل يده في التراب، ثم رفعها، ثم نفخ فيه، ثم قال: كل واحد من هؤلاء ذَرَّة.

وروي عنه: أنها رأس النملة.

وقيل: الواحدة مما يتطاير من الهباء في ضوء الشمس.

وقيل: الخَرْدَلَة.

والمراد: أنه لا يظلم قليلاً ولا كثيراً، لكنه ذكر الذّرَّة لأنها غاية ما يُضرب به المثل في القِلَّة.

{ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا } أي: إن تك فعلته حسنة، أو مثقال الذَرَّة حسنة، وأنَّثه لكونه مضافاً إلى مؤنث.

قرأ ابن كثير ونافع: " حَسَنَةٌ " على معنى: إن تحدث أو توجد حسنة.

وقرأ ابن عامر وابن كثير: " يُضَعِّفْها " بالتشديد من غير ألف. وقرأ الباقون بألف، مع التخفيف.

قال ابن عباس: وإن تَكُ حسنة من مؤمن يضاعفها بعشرة أضعافها.

قال السدي: هذا عند الحساب، والقِصاص، فمن بقي له من الحساب مثقال ذرة ضاعفها الله إلى سبعمائة ضعف، وإلى الأجر العظيم، وهو قوله: { وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } يعني: يتفضل عليه بأكثر من العشرة الأضعاف.

وقال الكلبي: الأجر العظيم: الجنة.

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك في قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا } ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الله لا يَظْلِمُ مُؤْمِناً حَسَنَةً يُعْطَى بهَا في الدُّنْيَا وَيُجْزَى بهَا في الآخِرَةِ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُطْعَمُ بحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بهَا لله في الدُّنْيَا، حَتَّى إِذا أَفْضَى إِلى الآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بهَا ".

قوله: { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } هذا استفهام في معنى التوبيخ، أي: كيف تكون حالهم يوم القيامة: { إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } وهو نبيها يشهد لها، وعليها.

{ وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد { عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ } المكذبين { شَهِيداً }.

أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد [بن] محمد بن أبي الفضل الأنصاري الحِرِسْتاني، قراءةً عليه وأنا أسمع بجامع دمشق، أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد السلمي، أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد بن أحمد، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جُميْع الغساني الصيداوي قراءةً عليه في داره بصيدا، سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الواعظ ببغداد، حدثنا حميد بن الربيع، حدثنا حفص بن غياث، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن عَبيدة، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2