الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }

قوله: { وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } أخرجا في الصحيحين من حديث معاذ بن جبل قال: " بينا أنا رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل، قال: يا معاذ، فقلت: لبيك يا رسول الله. قال: ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على عباده، أن يعبدوه فلا يُشركوا به شيئاً، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق العباد على الله أن لا يعذبهم، فقلت: يا رسول الله؛ ألا أُبشِّر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتّكلوا، فأخبر بها معاذ عند موته تأثماً ".

قوله: { وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } الظاهر أنه يريد به قرابة النسب، وهو قول ابن عباس، والأكثرين.

أوصى سبحانه بذي القربى، ثم أكد الوصية به إذا كان جاراً لتأكيد حقه بالجوار منضماً إلى القرابة.

وقيل: المراد به: الجار القريب، وقيل: الجار المسلم.

قوله: { وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } وهو البعيد النسب، على قول ابن عباس.

أو الجار البعيد، أو غير المسلم، على القولين الآخرين.

وفي الصحيحين من حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَا زَالَ جبريلُ يُوصِيني بالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنهُ سَيُوَرِّثُه ".

وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " يَا أَبَا ذرّ، إِذا طَبَخْتَ قدراً فَأَكْثِرْ المَرَقَةَ، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَك ".

وفي صحيح البخاري: أن عائشة رضي الله عنها قالت: " يَا رَسُولَ الله! إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: إِلَى أَقْرَبهِمَا مِنْكِ بَاباً ".

قوله: { وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ } قال علي رضي الله عنه: هو الزوجة.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الرفيق.

وقال ابن زيد: هو الذي يَلْصَقُ بك رجاءَ خيرك.

قوله: { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } يريد: من الأرقاء.

وقيل: يدخل فيه أيضاً الحيوان البهيم.

قال أنس بن مالك: " كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت: الصَّلاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ".

قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } يَحمله اختيالُه وفخرُه على مجانبة مَن أوصى الله بهم في هذه الآية، والازدراء بهم إذا كانوا فقراء.

قال ابن عباس: المختال: البَطِرُ في مشيته، والفخور: المفتخر على الناس بكبره.

وقال الزجاج: المختال: الصَّلِفُ التيَّاه الجهول.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله عز وجل: " العزُّ إزاري، والكِبرياء ردائي، فمَن نازعني شيئاً منهما عذّبته " ".

وصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يَنْظُرُ الله إلى مَنْ جَرَّ ثوْبَهُ خُيَلاء ".