الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله: { يَسْتَفْتُونَكَ }.

أخبرنا الشيخان أبو القاسم، عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي الأنصاري، قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أحمد الصاعدي الفراوي، وأخبرنا المؤيَّد بن محمد الطوسي في كتابه، قال: أخبرنا الفراوي، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي، أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، أخبرنا مسلم بن الحجاج، حدثنا عمرو الناقد، حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، سمع جابر بن عبد الله يقول: " مرضت، فأتاني رسول الله وأبو بكر يعودانني ماشيين، فأُغمي عليّ، فتوضأ ثم صب عليّ من وَضُوئه فأفقت، فقلت: يا رسول الله؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يَرُد عليّ شيئاً حتى نزلت آية الميراث: { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ } ". هذا حديث صحيح.

وقد سبق تفسير الكلالة، واستقصينا الكلام في شرحها في موضعها.

قوله: { إِن ٱمْرُؤٌ } مرفوع بمضمر يُفسِّره الظاهر، وقوله: { لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ } في محل نصب على الحال، أو في محل الرفع على الصفة، تقديره: إن هلك امرؤ غيرُ ذي ولد.

وقال صاحب الكشاف: المراد بالولد: الابن، لأن الأخت تسقط به، ولا تسقط بالبنت، وتابعه على ذلك صاحب " التقشير في التفسير " ، وأبو السعادات ابن الأثير في تفسيره الذي سماه " الإنصاف " ، وضمن فيه الجمع بين " الكشف " و " الكشاف " ، ولم يُنَبها على فساد هذا الكلام، ولم يقفا على موضع الخطأ فيه.

ووجهُ فساده: أن الآية اقتضت فرض النصف للأخت من الأبوين، أو الأب، وهذا إنما يكون عند عدم الولد مطلقاً كما ذكر الله، لأنها تسقط بالابن، وترث مع البنت بالتعصيب، لا بالفرض.

والمراد: ليس له ولد ولا والد، لأن هذا تبيين للكلالة، وقد ذكرنا فيما مضى أن الكلالة: من لا والد له، ولا ولد.

{ وَهُوَ يَرِثُهَآ } أي: يستغرق ميراثها، { إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ } يريد: إن لم يكن لها ولد ذكر أو والد ، فإن كان لها بنت أو بنت ابن فله ما تبقى بعد الفرض بالتعصيب.

{ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ } أنّث، وثنّى لتأنيث الخبر وتثنيته، والقول في جمع، " وإن كانوا " كالقول في تثنية " وإن كانتا ".

قوله: { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } أي: كراهة أن تضلوا، أو أن لا تضلوا، فأضمرت " لا " ، أو: لئلا تضلوا.

{ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فهو يعلم مقادير الأنصباء، وما فرض للأقرباء. أخبرنا الشيخان أبو القاسم السلمي قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق، سنة ست وستمائة، وأبو الحسن الصوفي بقراءتي عليه برأس عين، قالا: أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو الحسن الداودي، أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء يقول: " آخر سورة نزلت: " براءة " ، وآخر آية نزلت: " يستفتونك " ".

السابقالتالي
2